المقالات

أبواب الإمام موسی بن جعفر(ع) باب الرسالة الإنسانية

1267 2023-02-15

د.أمل الأسدي ||

 

   اتسمت الرسالة المحمدية منذ  انطلاقها بسمة الإنسانية، فراحت تنقل الإنسان من العالم المادي  المشحون بالصراعات القبلية والعرقية، الی عالم البناء الإنساني،  القائم علی لغة المحبة والتسامح والرحمة ، فهي اللغة الكفيلة بأنسنة كلِّ  شيءٍ.، وهي اللغة الجاذبة المهيمنة علی القلوب أينما حلّت، فبعد مساواة الرسول بين الأفراد جميعا، وبعد مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وبعد قوله:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِأعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى)؛ صارت الصفة الإنسانية لازمةً للعمل الرسالي المتمم لعمل الرسول الأعظم، فنجد الإمام علي (عليه السلام) أطلق مقولةً خالدةً ، وذلك حين وجه رسالة إلی مالك الأشتر، إذ بقيت مقولته قانونا يسعفُ كلَّ باحثٍ عن التواصل الإنساني غير المقيد ألا وهي:(وأشعرْ قلبَك الرحمةَ للرعيةِ والمحبةَ لهم واللطفَ بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان إما أخٌ لك في الدين وإما نظيرٌ لك في الخلق )) وكذا انسحب هذا السلوك الإنساني علی سائر أئمة أهل البيت ولاسيما الإمام موسی بن جعفر، فكان يتواصل مع فقراء المدينة، يزورهم ليلا تاركا لهم الطعام والمال من دون أن يكشف وجهه أمامهم حرصا علی حفظ كرامتهم.

وكانت له  قطعة أرض يزرعها ويعمل فيها بيده، وحين قال له رجل صديقٌ يُدعی (علي): ألا يوجد من يقوم بهذه الأعمالِ بدلا عنك؟

فأجابه الإمام: يا علي، قد عمل قبلي من هو  خير مني!

فقال للإمام: من تقصد؟

فقال الإمام:[جدي (صلی الله عليه وآله) وأمير المؤمنين، وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين].

ـ مع بشر الحافي:

وكذلك كانت للإمام  الكاظم(ع) مواقف ومقولات فيصلية،منها مقولة غيرت حياة رجل من حال الی حال أخری، وذلك حين مرّ من  منزل يرتفع منه صوت الغناء الماجن،فرأی فتاةً تخرج من المنزل فقال لها بعد أن سلم عليها: صاحب البيت حرٌّ أم عبدٌ؟ فردت عليه: حرٌّ

فقال الإمام: صدقتِ، فلو كان عبدا  لخاف سيّده!

وحين دخلت الفتاة وأخبرت صاحب المنزل، ويدعی (بشر) هزت أعماقه هذه الكلمات، فخرج خلف الإمام يركض حافيا،معلنا توبته وإنابته، ليقضي بعد ذلك بقية عمره بالزهد والعبادة،واشتُهِر بين الناس إلی اليوم بـ(بشر الحافي).

وهكذا ظل الإمام مصدرا للسمو الروحي والحضور الإنساني الملفت، فحين أرسل له هارون الرشيد، جاريةً لإغوائه، عادت الجارية مبهورةً بروح الإمام وخلقه، لتتحول حياتها من اللهو والفجور الی  العبادة والإيمان.

لقد كان الإمام يحرص ويؤكد علی قضاء حوائج المؤمنين، نجده يقول لـ( علي بن يقطين): "من سرّ مؤمناًَ فبالله بدأ، وبالنبي(ص وآله) ثنَّى، وبنا ثلَّث"وهكذا كان يسعی بنفسه لقضاء حوائج الناس وسدِّ ديونهم، وبهذه الصفات الإنسانية العملية كلِّها؛هيمن علی القلوب وسيطرت محبتُه عليها، فلا عجب - الآن - وبعد كل تلك القرون أن تجد الملايين من الناس تحج إلی حيث حضرته، وتقف عند بابه متلهفة، مولعة، مناجية، موحدة، سائلة الله تعالی  قضاء الحوائج وثبات الإيمان بحق هذا الباب المشرع، باب موسی بن جعفر(ع).

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك