د.أمل الأسدي ||
هنالك... حيث كانت الشعوب تهين المرأة وتحتقرها وتشبهها بالحيوانات،اضطرت السيدة المؤمنة(آسيا) أن تخفي إيمانها وتعبد الله سرّاً في موضع لا يُحبّ أن يُعبد الله فيه إلاّ اضطراراً!!
هنالك ...حين كانوا يرون المرأة مصدر الشر والخطيئة، وُلدت السيدة مريم، فقالت أمُها:((...رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى...))وعمّ الغضب بين اليهود، فولادة الأنثی عار في المجتمع!!
هنالك ....حيث كان اليهود يمنعون المرأة من دخول المعبد لنجاستها ونقصانها؛ اضطرت السيدة مريم أن تمضي بعيدا، وأن تهز جذع النخلة اليابس في فلاةٍ لتساقط عليها رطبا جنيا!!
وهنالك... حيث كان النكاح لدی بعضهم، نكاح السفاح والشغار والمقت والظعينة والبدل كان هناك بيت مهاب، زوّج ابنته العزيزة إلی رجل كريم، سيد جليل، زوّجها إلی أبي طالب، الذي وقف بكل فخر وقال: "الحمد لله ربّ العالمين، رب العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاما و سدنة وعرفاء خلصاء وحجبة بهاليل، أطهارا من الخنى والريب، والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضلنا على العشائر، نخب آل إبراهيم، وصفوته وزرع إسماعيل ثم قال: وقد تزوجت فاطمة بنت أسد ، وسقت المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهدوا" فقال والدها (أسد): زوجناك ورضينا بك!
ثم أطعم الناس، فقال أمية بن أبي الصلت:
أغمرنا عرس أبي طالب
فكان عرسا لين الحالب
اقراؤه البدو بأقطاره
من راجل خف ومن راكب
فنازلوه سبعة أُحصيت
أيامها للرجل الحاسب
وهنالك حيث كان بعضهم يئد الأنثی ويسلبها الأنفاس، جاءت السيدة الجليلة، تحيطها هالةٌ نورانية، تشق طريقها أمام كبار القوم!!
إنها فاطمة بنت أسد، كانت حاملا، والطلق أخذها، فوقفت أمام الكعبة وقالت:(أي ربّ، إنّي مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول، وبكل نبي من أنبيائك،وبكل كتاب أنزلته، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل وإنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن بناه وبهذا المولود الذي في أحشائي الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه وأنا موقنة أنه إحدى آياتك ودلائلك، لما يسّرت عليّ ولادتي)
فقال الشاهد( العباس بن عبدالمطّلب) : "لمّا تكلّمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء رأينا البيت قد انفتح من ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ثم عادت الفتحة والتزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب لتصل إليها بعض نسائنا فلم ينفتح الباب، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله تعالى، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام"
ثلاثةُ أيامٍ وهي مخدومة كريمة، لم يفرغ فؤادها، لتربط السماء عليه فتكون من المؤمنين،ولم تهز جذع نخلةٍ ولم تتمن الموت،وحين همّت بالخروج وعلی يدها وليدها هتف بها هاتفٌ وقال:(( يا فاطمة سمّيه علياً، فأنا العلي الأعلى، وإنّي خلقته من قدرتي وعزّ جلالي وقسط عدلي، واشتققت اسمه من اسمي، وأدّبته بأدبي وفوّضت إليه أمري، ووقفته على غامض علمي ،وولد في بيتي وهو أوّل من يؤذّن فوق بيتي ويكسّر الأصنام ويرميها على وجهها ، ويعظّمني ويمجّدني ويهلّلني وهو الإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي محمد رسولي ووصيه، فطوبى لمن أحبّه ونصره، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه))
وهكذا جاء عليٌّ ... وهكذا كانت أم علي!!
فمبارك لأبناء عليّ!
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha