تبارك الراضي ||
من يقرأ سيرة امير المؤمنين (ع) يجد نفسه أمام فئتين من أنصاره:
1- فئةٌ كثيرة اعدادهم ، ضعيفة عقولهم وحلومهم وارادتهم .. يُخدعون المرة بعد الأخرى ، يأمرهم الإمام فلا يأتمرون وينهاهم فلا ينتهون ، و يستنهضهم فلا ينهضون ، حتى ملَّ منهم ونعتهم بأشد النعوت قائلا: "يا أشباه الرجال ولا رجال... حلوم الأطفال... وعقول ربات الحجال... لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم... قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا".
وهؤلاء هم أصحاب الفتن الذين تغربلوا مرة بعد أخرى ، وسقطوا فيها؛ فمنهم من التحق بالخوارج ومنهم من هرب الى معاوية طمعاً في مالٍ او جاه.
2 - الفئة الثانية: وهم خُلَّص أصحابه وشيعته ، وهم العاملون العالمون الثابتون على الأمر ، الذين استقاموا على طريق الولاية ، وما ضعفوا وما استكانوا والله يُحب الصابرين.
ولقد كانوا عمادَ حُكم الامام ، وسيفه الضارب على الأعداء ، ويده التي بها يصول ويجول.
ولم يكونوا قلَّة ، بل الآلاف من أصحاب البصيرة ، تجد على رأسهم أمثال عمار بن ياسر ، وحبيب بن مظاهر ، وهاشم بن عتبة ، وعمرو بن حمق الخزاعي ، ومالك الأشتر ، ومحمد بن ابي بكر ، وعابس بن شبيب و قيس بن سعد ووو...ولكن الامام فقدهم الواحد بعد الآخر ، بين مقتولٍ في حربٍ او مغدورٍ او مسموم.
ولقد كان عليٌ (ع) يتألَّم على فراقهم ، ويتمنى حياتهم ليقوم بهم بالأمر في اصلاح واقع الأمة.
وحين تقرأ اخر خطبةٍ خطبها (ع) قبل شهادته ، تجد مقدار الألم المكبوت في صدره والحُزن الذي لا يجد الى بثه سبيلا ، لفقدان ناصريه.. فيقول: ".. ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم وهم بصفين أن لا يكونوا اليوم أحياء؟ ... أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار ؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية ، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ - ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة فأطال البكاء ، ثم قال (ع): أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه ، وتدبروا الفرض فأقاموه ، أحيوا السنة وأماتوا البدعة... دعوا للجهاد فأجابوا ، ووثقوا بالقائد فاتبعوه.."
أقول: حين نتأمل في هاتين الفئتين من الرجالٍ حول علي (ع) ؛ نتساءَل مع انفسنا في هذا الزمان وضمن مسؤوليتنا لنصرة صاحب الزمان (عج) ، و نصرة نهجه وخطه الإلهي المتمثل بالصالحين من عباده..
من أي الفئتين نكون؟ هل ممن يملأ قلب وليِّ الله قيحا؟ ام من فئة الصابرين الصادقين؟
أي طريق نسلك؟!
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha