المقالات

هل نقتدي بالسيدة فاطمة ؟!


الشيخ محمد الربيعي ||

 

كلنا نجهر بحب سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء  ( ع ) بنت الرسول الخاتم محمد ( ص ) ، ولكن رغم ذلك ، نجده في جانب القول فقط ، لا انعكاس واقعيا فيه على سلوكنا وادارة حياتنا ، فنجد الواقع فينا من الذين يشعرون بعقدة النقص من شغل المرأة في البيت ، فيخيَّل إليهم أنَّ شغل البيت يمثّل انتقاصاً للمرأة وتجميداً لطاقاتها.

إنّنا ندعي الاقتداء بالسيّدة النساء، والتي كانت المثقلة بالأولاد ولداً ولداً، والمثقلة بمسؤوليّة الزّوج الذي كان ينطلق من حربٍ إلى حربٍ من أجل الإسلام ، وفينا الذين لا يرتاحون للزّوج إذا كان مجاهداً ، ولا يرتاحون للبيت إذا كان مثقلاً بالأولاد... وكانت تعيش مثقلةً بالأولاد ، وكانت تعيش ثقل المسؤوليّة مع الزوج المجاهد، كان يأتي من الجهاد وسيفه مصبوغ بدماء أعدائه ، ويعطيك السّيف لتغسليه ، لتعرفي كيف استطاع زوجك أن ينصر الإسلام بهذا السّيف ، ويعلّق الرسول الله وهو يراها تغسل السيف ، ليقول لها: هذا سيفٌ طالما جلا الكرب عن وجه رسول الله وعن الإسلام.

ونعيشها  وأنت في بيتك تعجنين للخبز ، و تطبخين وتعملين بكلّ جهد، وأنت الإنسانة الضّعيفة الجسد، ولا تشعرين بمشكلة حتى وأنتِ تقاسين ذلك كلّه ، وعندما أرادكِ عليٌّ (ع) أن تذهبي معه إلى رسول الله لتطلبي منه خادمة ، لم تتجاوبي ، ولكنّك أطعتِ رغبته ، لأنّك أردت أن تعطي المثل على أنّ المرأة الفاضلة المخلصة تطيع زوجها فيما كان حقّاً ، حتى لو لم يكن ذلك على رغبتها.

وذهبتما إلى رسول الله ، ولم تتحدّثي له عن شكوى ، ولكنّ عليّاً كان المتحدّث ، وهو يعيش في حسِّه كلّ آلامك التي كان يتحسّسها في كلّ يوم، قال: "يا رسول الله، إنّها استقت بالقربة حتّى أثّر في صدرها ، وطحنت بالرّحى حتّى مجُلت يدها ، وكسحت البيت حتى غبرت ثيابها ، وأوقدت النّار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد ، فقلت لها: لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادماً يكفيك ضرّ ما أنت فيه من هذا العمل".

وكان رسول الله (ص) لا يريد في مرحلته تلك لأهل بيته أن يبتعدوا عن المستوى العاديّ للناس ، فقال لهما: "أفلا أُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين".

وأخرجت (ع) رأسها وقالت: "رضيت عن الله ورسوله" .

لماذا أطلق رسول الله (ص) هذه الوصيّة لهذه الإنسانة المثقلة بالجهد والتّعب ، لماذا ذلك؟ لأنّه كان يعرف ابنته فاطمة، ربّاها على يديه ، وعاشت روحيّته عندما كان يناجي الله في اللّيالي ، وانطلقت تأخذ أخلاقه خُلقاً خُلقاً ، وكانت تراقبه والآلام تشتدّ ضغطاً عليه والنّاس يقسون عليه ، كانت تراقبه وهو يتخفَّف من كلّ آلامه بالجلوس مع ربِّه: "إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي".

وتعلّمت من رسول الله أنّها إذا اشتدَّت بها الآلام، ولم تجد هناك أيّ مجالٍ تستطيع من خلاله أن تتخفَّف من آلامها بطريقة ماديّة ، انفتحت على الله، فرأت في ذكر الله بلسم كلّ جراحاتها ، ورأت في ذكر الله التّخفيف عن كلّ آلامها.

ولذلك، كان يقول لهما: "إذا أخذتما منامكما". والإنسان عادةً ينام بعد أن يقضي كلّ نهاره بالجهد ، ويشعر بالتّعب الذي يفرض عليه أن يرتاح ، ليذكر الله بأنّه الأكبر من الألم ومن كلّ شيء، فيقول: "الله أكبر"، وليتحسَّس مواضع نعم الله عنده فيقول: "الحمد لله"، وليستجلي عظمة الله في الكون، الّذي خلق اللّيل والنّهار بقوَّته، وميَّز بينهما بقدرته ، وخلق السموات والأرض، ليستجلي عظمة الله فيقول: "سبحان الله".

وانطلق هذا الذّكر ليخلّد للزهراء اسمها وآلامها.

وها نحن بعد كلّ صلاة نسبّح تسبيح الزهراء، وقبل كلّ منام نسبِّح تسبيح الزّهراء.

اذن علينا ان نقتدي بما نقرأ وما نقرأ يجب ان ينعكس على حياتنا بكافة اصعدتها ...

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق و شعبه

 

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك