المقالات

ظهرية بغدادية

1117 2022-10-16

د.أمل الأسدي ||

 

لم تكن الأمُّ في السيتينات كما هي الآن، كانت لصيقةً ببيتها وزوجها وأولادها حدّ الأنفاس، فلا فيسبوك ولا فضائيات ولابرامج تحرضها علی ترك بيتها، والترفع عن خدمة زوجها وأولادها!! كانت الأم تستلذ الحياة المنزلية، وتهوی(لمة الأهل)،ولم يكن في معجمها مفردات الملل، والمن، والضجر، والتكبر، والكراهية، والمنفعة، والمادة...الخ

وفي بغداد، وكرادتها الأنيقة، كانت البيوت عامرةً بقصص المحبة والاحترام، فمنذ الفجر  تفوح رائحة الچاي المهيل والحطب، لتجتذب القلوب، وتبدأ حكايات الشمس المشرقة مع الجيران، وعند عتبة بيت الشيخ جاسم الشيخ محمد الأسدي، يجتمع الأحبة ليستمعوا إلی قصصه الحكيمة، وليستمتعوا بـ(استكان الچاي) ومنظر(القوري الفرفوري) والجمر، ثم ينصرف الجميع لأعمالهم قُبيل الساعة الثامنة، وتدخل السيدة النخلة(العلوية مريم) لتبدأ عملها المنزلي الذي تحبه، وبينما ينشغل البنات وزوجة الابن بأعمالهن حتی تفوح رائحة النظافة، وتشرق صورة البساطة المنظمة بدقة!!  بينما يحدث ذلك؛ تكون العلوية قد عجنت العجين، وطبخت، وسينضج طعامها قريبا، ورائحة البامية والعنبر ملأت الغرف!!

وها هو العجين قد اختمر، وستخبزه الآن في تنورها الطيني، وتخبز معه محبتها وضحكتها، لتقدمها ساخنة لأولادها وزوجها!!

خبزت ونزلت ووجها الأبيض قد تشرّب بحمرةٍ ساحرة، ومع تعبها مازالت الابتسامة تعلو وجهها!! جلست ومدّدت رجليها وأخذت تجمع الخبز، وتتحدث إلی بناتها وتوصيهن:" يمة من أموت گولن:

   فرشت عبايتها ونامت

  ومن شافت الخطار گامت

وگولن: لاعلموني علی الگليل

         ولاركبوا جدر الصغير

          آنه مدللة ورباة خيّر

ومع كلمة " اسم الله عليچ، عمرچ طويل يمة" رُفع أذان الظهر، واقترب موعد عودة(الشيخ جاسم) من الحسينية... وما إن وصل أسرعت العلوية لتسكب الطعام بنفسها، ولابد أن يكون أول ماعون له، وأفضل قطع لحم وأكبرها له! هكذا  تصنع العلوية في كل يوم، محبة واحتراما لرب الأسرة!!

جلسوا جميعا لتناول الطعام ، الذي  بدا شهيا أكثر مع  صوت الأب الحنون وكلامه الجميل، وحكمه الفريدة، ومثل كل يوم، يخرج الأب قطع اللحم ويضعها أمام زوجة ابنه وبناته، ومهما قالوا له: كل أنت فأطباقنا  فيها لحم أيضا، لايسمع ولايرضی، فسعادته فيما يفعل!!

مع هذه اللمة وفي هذه الظهرية، يخدر الچاي، وتفوح رائحته، ويفوح معها عبقُ زمنٍ نقيٍّ، كله وجوه رحيمة!!

فالسلام علی أهلنا وطيبتهم، وفطرتهم  ومحبتهم!

والسلام علی تلك الظهرية المليئة برضا الله وطاعته، المليئة بالأدب والذوق والحنان.

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك