قاسم ال ماضي ||
الأَربعينُ أو ألمَثابةُ التي قَد تكونُ نُقطةُ تأريخ، أَكبرُ مِنْ تَأريِخِ دولٍ وحضاراتٌ. عُقودُ وعُقودُ من السِنينِ وشُهَداءُ ومَعاركُ وقِصَصٌ تُثري أيَّ مَكتَبةٍ أو مُدَوَنةِ الأربعين وأربعينُ هذهِ السَنةُ مُختَلِفَةٌ بل تأريخية.
واحدُ وعشرونَ مليون زائرٌ تَحتَضِنُ أقدامَهُم تُربَةَ كربلاء.
وتأكُلُ الأفواهُ مالذَ وطابَ.
واحدُ وعشرون مليون نَفَّسٌ يَتَنَفَسونَ تلك الأَنفاسُ القُدْسِيَةَ في مَقَدسِ بَينَ الحَرمَينِ.
أَكبَرُ زِحامٌ دونَ زِحامٍ.
ألكُلُ يَعرفُ أينَ يَذهَبُ وأينَ يَنامُ وكَيفَ يُنَاجِي الحَبيبَ المَعشوقَ الذي تَجَشَمَ السَفرُ الى قُدْسِهِ.
أللُغَاتُ المُختَلِفَةُ، اللَفظُ مُتَوَحدٌ في المعنى.
بَينَ صَلاةٍ للحَبيبِ المصطفى( ص)
أو نافِلةِ رُكْعَتَينِ أو تلاوةِ آياتِ المُصحَف أو زيارةُ المَعشُوقَ.
ذُهِلَّ العالَمُ ورَاقَبَ بأنْدِهاشٍ أقْرَبُ الى الفَزعِ.
وقد لا نَستَغرِبُ إنْ قَدِمَّ إلينا في السَنَواتِ المُقبِلةِ باحِثينَ لَيَشهَدوا ذلك الإِعجَازُ أو سُواحٌ غَيرَ مُسلمينَ للسيَاحَةِ في عَجائِبِ الدُنْيا.
أو عُلَماءَ تَنميةََ بشريةََ.
أو عُلَماءَ نَفس يَدرُسوا هذا الحَدثُ أو عُلَّماءُ إقتصادَ ليَتَعلموا نَظرياتٍ جَديدةٍ كَيَفَ تُوَزَعُ الثَرَواتُ لذلك الحَشدُ الذي يُضَاهي تِعْدادهُ رُبَما تِعْدادُ دَولَتينِ أو أكثرُ.
هذا كُلهُ دُونَ النَظرِ الى أَصْحَابِ المَواكِبِ الَذِينَ هُمْ خَلفَ ذلك الإمْدادُ. كُلٌ يَعمَلُ دونَ تَنْسيقٍ مُسّبَقٍ مع مَوكِبٍ آخرَ، وبِأدَقِ التَنسيقِ.
وكانَ بَينَ ذلك الهَرمُ العَظيمُ مَوكِبُ جاري وإبنتهُ فاطمةُ ذاتَ العَشرُ سنوات التي كانت تَخدِمُ في المَوكِبِ. كان واجِبُهَا هي أن تَكونَ دليلةٌ في مَوكِبِ النساءِ عن مَكانِ المَنامِ أو مَكان الطَعام. وبَعد ذلك تُشارِكُ في تَجهيزِ ألفَرشَّ أو تَجهيزُ الطَعامَ دون كَلَلٍ أو مَلل مِنَ الصباحِ البَاكرِ حتى ساعةٍ مُتَأخِرَةٍ من الليلِ، وتَنَامُ كالموتى وتَنْهَضُ كالأسدِ من أولِ بُزوغٍ للشَمسِ.
ورُبَما لا تَنامُ.
في آخرِ يَومٍ بَعدَ خُلوِ الطَريقِ مِنَ الزوارِ وبَعدَ أن نَامتْ فاطمةُ بعد التَأَكُدِ من خُلوِ الطَريقِ عَزَمَ الشَبابُ على رَزْمِ المَوكبِ، وكانَ العَملُ مُتَواصلاََ حتى سَاعاتُ الصَبَاحُ الأولى وحِينَ فَتَحتْ فاطمةُ عَينَها لِتَقومَ لوَاجِبَها المُعتَاد وَجَدتْ السَرادِقُ قد أُرّزِمَتْ فَرَكَضَتْ دُموعٌ قَبلَ الأقدامَ.
بابا وين المَوكب؟
فكانَ الرَدُ قاسياََ لها.
بابا إن شاءَ الله السنه الجايه خلصوا الزوار من هذا الطريق.
بابا بلكي أكو بعد.
لا بابا إتصلت بالموكب الي قبلنا گالو ماكو.
فَمَسَكتْ عَمودُ الخَيمةَ وبكتْ فاطمةُ وبعدَ دقيقةٍ فقط لم تكن فاطمةُ وحدها تبكي فَلَقد أبكتْ فاطمة
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha