د.أمل الأسدي ||
نحن لم نترك عاشوراء حتی في الأيام التي كان فيها البكاء علی الإمام الحسين(ع) جريمة توجب العقاب!! كانت أشرطة الكاسيت تعرف مكانها جيدا ولاتتذمر من الصناديق القديمة المختفية في سردايب البيوت القديمة أو تحت (الكاونتر) أو في (البيتونه) أو أن يُكتب عليها عناوين وهمية!!
فترفع الأمهات (الكرويتات أو القنفات) وتفرش فراشا جديدا، وتُكسَر(القاصات) وتجلس الأم تعد المبلغ المجموع وتقسمه علی الأيام العشرة،وتستخرج أولا مبلغا تهديه للـ(الملاية) وتشتري قماشا أخضر مع مستلزمات أخری لصينية (عروس القاسم)،ففي ليلة القاسم نوزع عصير الرمان،وفي ليلة الإمام العباس نوزع البرياني مع خبز حار، وفي ليلة العاشر تسهر الأسرة والجيران لطهو القيمة، وفي بعض مناطق بغداد مثل الغدير، كانت البيوت تطهو الهريسة،وتأتي العوائل المسيحية لتشارك في خفق القدور تيمنا بالحسين!
وعادة ما كان الحماس يأخذ الصغار والشباب، فبعضهم يرفع صوت المسجل أثناء الطبخ، وينادي عليهم الأب: يمعودين نصوا،ستروا علينا وخليها تعدي!!
وقد عدت أيام كثيرة، وعدت مواسم كثيرة بفضل الإمام الحسين!!
وهناك أيام عدت بسرعة فائقة جدا الی حد الالتحاق بالحسين!!!!
وهذا شهيدنا وشاهدنا،الداعية المظلوم الرادود عباس الكاظمي العارضي(أبو زينب) شهيد المنبر الحسيني،غيبوا أنفاسه، وأرادوا إخماد صوته الحسيني؛ ولكن صوته بقي وارتفع وأثمر رغما عنهم!
داهم الجلاوزة منزله عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، بتأريخ ١٧ / ١٢/ ١٩٧٩م، الموافق ٢٥ من المحرم الحرام ١٤٠٠هـ واعتقلوه ثم أعدموه!!
أُتلفت مكتبته الصوتية والورقية خوفا من مداهمات البعـ،ث الأخری كما يذكر أخوه الباحث(محسن جبار العارضي).
لقد رحل إلی جنب من أحبه وآمن به، ونسأل الله تعالی أن يحشره مع الإمام الحسين وركبه(عليهم السلام) وأن يجازي أسرته خير الجزاء علی الحياة المرة التي عاشوها ولاسيما زوجته المرحومة الزينبية الصابرة، فو الله، لم أشهد وجهها إلا باسما،حامدا،شاكرا الله تعالی،صابرا كاظما!!
ونسأله تعالی أن يعوض ابنته التي حُرمت من رؤيته ويجازيها علی أيام اليتم ولوعته!
وحسبنا هذه القصص، وكفی بها أن تكون نارا متقدة في الذاكرة، كي لانسمح بتكرارها!!