عبدالملك سام ||
في كل عام تعود علينا ذكرى عيد الأضحى المبارك، والتي ترتبط لدى المسلمين بإتمام فريضة الحج، وفي هذه الفريضة شعائر تربطنا بنبي الله إبراهيم (ص) والدين الحنيف، كما أنها ترتبط بحجة الوداع التي قام بها رسول الله محمد (ص)، والتي تبعها موقفه يوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة 10 للهجرة والتي أتفق المسلمون على حدوثها وأختلفوا في تفسيرها! ورغم ما دار ويدور حول ما حدث فيها، إلا أن العقل لا يمكن إلا أن يقر بأهمية ما جاء فيها، خاصة أمر "الولاية"..
بعيد عن التعصب الذي يمكن أن يودي بالإنسان إلى التهلكة، دعونا ننتقل إلى عصرنا الحالي ونسقط مسألة ولاية الإمام علي (ع) على الأحداث اليوم لندرك أهمية الأمر، ولنسأل أنفسنا سؤالا: لماذا من يتولون الإمام علي (ع) بعيدون عن "التطبيع" مع كيان العدو الإسرائيلي، بينما غيرهم قريبون من هذا الأمر؟! هل الأمر ناتج عن حقد يهودي متأصل على من أشتهر بفاتح خيبر ومن يتولونه، أم أن الموقف الصهيوني يتجاوز فكرة "الثأر" ومرتبط أكثر بالتعارض مع فكر علي وأتباعه والذي يعتبر خطرا مؤكدا على وجودية وأستمرارية الطغاة والفاسدين في أي عصر؟!
أرتبط أسم الإمام علي (ع) بالعداء لكل الأفكار الضالة والفاسدة، وعلى رأسها عقيدة اليهود المنحرفة عن شريعة الأنبياء، بل أن أكبر وأهم تهمة أرتبطت باليهود أنهم يعتبرون أشهر من قام بقتل الأنبياء والأولياء تاريخيا. وللأسف فإنه كما أن اليهود هم أكثر الطوائف المنحرفة عن دين نبي الله موسى (ص)، فإن هناك طوائف من المسلمين أيضا منحرفة عن دين نبي الله الخاتم محمد (ص)، وكلاهما يناصب العداء للإمام علي (ع)، وكلاهما يدعي أيضا أنه وحده الذي يمثل الدين الحنيف حقا، ولذلك فليس من الغريب أن كلاهما قريبين من بعض أيضا!
هنا تواجهنا مسألة التولي؛ فهؤلاء أولياء بعض، أي أنهم يتشاركون نفس المواقف وإن أختلفت المسميات، فالطيور على أشكالها تقع. لكن المحير في الموضوع أننا لو رأينا موقف اليهود لوجدناه قد يكون مبررا نوعا ما إذا ما رجعنا إلى ما ذاقوه من ذل على يد الإمام علي (ع)، ولكننا سنصاب بالحيرة من موقف الطائفة المحسوبة على الإسلام والتي تتشارك مع اليهود في بغض الإمام علي (ع) دون سبب مقنع، بل يحاولون التقرب من اليهود الذين لا يخفون بغضهم للإمام علي (ع) وللإسلام وللنبي (ص)!
الإمام علي (ع) شخصية إنسانية وإسلامية عظيمة، وكل من قرأ سيرته وما قاله وفعله يدرك بأنه وقف موقف الحق والخير، وأنه كان مع المظلومين والمستضعفين، وأن حياته لم يشبها أي ضلال أو باطل، فلماذا يحاول البعض - والذين كان مفترضا أن يكونوا في صفه - أن يقفوا موقف العدو منه رغم معرفتهم أن عدو الإمام علي هو عدوهم الذي يتربص بهم؟!! هم تاريخيا حاولوا أن يجدوا عيبا واحدا في شخصه أو مواقفه لينقصوا من قدره فلم يفلحوا، ورغم هذا ما يزالون على موقفهم الخاطئ والعبثي والذي سيرديهم النار والخزي في الدنيا والآخرة لا محالة!
نحن اليوم إذ نقول بأننا في صف علي (ع) فإنما نقف الموقف الذي دلنا عليه النبي الأعظم محمد (ص) يوم قال: "الحق مع علي، وعلي مع الحق". ويوم والينا علي (ع) فنحن إنما أتبعنا قول النبي الأكرم (ص) حين قال: "اللهم والي من والاه، وعادي من عاداه". ويوم وقفنا موقفه فنحن إنما وثقنا بقول النبي الخاتم (ص) عندما قال: "وأنصر من نصره، وأخذل من خذله".. فكيف نضل ومحمد (ص) هو دليلنا؟! وكيف نشك والذي "لا ينطق عن الهوى" هو من أكد لنا سلامة موقفنا؟!
في الختام.. أنا أعرف أن هناك من سيتهرب من مواجهة الحقيقة ويقول: "تلك أمة قد خلت"، وهذا هو رد الجاهل الذي لا يجد دواء لمرض عقله وقلبه، ولا يدرك أهمية الأمور؛ فأمة محمد (ص) باقية إلى يوم يبعث الله كل الأمم ولم تذهب بعد، وشريعة الإسلام الحنيف متصلة عبر الأزمان وواضحة لا شك فيها، وأن القرآن كتاب الله لكل الأزمنة، وهو الذي جاء فيه: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}، فلم يتبقى أمام ذلك الساذج الذي تخلى عن عقله سوى أن يتخلى عن كتاب ربه ودينه ويتولى أعداء دينه وأمته! ولله عاقبة الأمور.
هذا المقال ليس دعوة لأحد لينضم معنا لعشاق أمير المؤمنين علي (ع)، فكل شخص أخبر بمصلحته، ولكن هو دعوة لنمعن تفكيرنا فيما ينفعنا اليوم ونحن نرى أنظمة الأراذل وهي تهرول لتقبيل أحذية العدو الإسرائيلي المجرم الحاقد وتعادي المسلمين المستضعفين، فمبدأ الولاية يحصننا من هذا السقوط، وينجينا من بغض الله وعذابه، ولنقرأ آيات القرآن التي تبين خطورة تولي أعداء الله ودينه.