ضياء المحسن ||
استبق الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارته للشرق الأوسط بمقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست، شرح فيه الأسباب التي دعته الى زيارة المنطقة، ومع عدم منطقية هذه الأسباب فإن الأمر لا يعنينا لأنه شأن داخلي أمريكي؛ إذا شاء الأمريكان صدقوه أم لا يصدقونه.
في الجهة الأخرى كتب السيد مصطفى الكاظمي (رئيس الوزراء المنتهية ولايته) مقال هو الأخر لكن في صحيفة الفورين بوليسي (السياسة الخارجية) تحدث فيها عن دوره شخصيا في حل مشكلات العراق!
الغريب في الأمر أن السيد الكاظمي يعتقد حقاً أنه صاحب إنجازات كبيرة في العراق، وينسى أنه صاحب الورقة البيضاء (أكثر من تسعين صفحة) لم يلحظ منها المواطن أية خطوة بإتجاه تصحيح الوضع الاقتصادي، بل أن الوضع إزداد سوءاً من خلال تطبيق فقرة تخفيض سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي، وهو الأمر الذي أدى الى إنخفاض القوة الشرائية للدينار العراقي بحدود 25% بينما إنخفضت القدرة الشرائية للمواطن بحدود 33% والسيد الرئيس لم تمضِ على ولايته سنة واحدة، وزادت مبيعات البنك المركزي لأكثر من الضعف، ولولا أن مصائب قوم عند قومٍ فوائد لكنا نشهد عراقا أبناءه يفترشون الأرصفة أكثر مما هو حاصل الأن، لكن الأزمة الروسية الأوكرانية نتج عنها ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، الأمر الذي جعل حكومة الرئيس تتنفس الصعداء (وهذا ليس بيت القصيد في المقال).
لم نشهد طيلة فترة تولي دولته للسلطة أية حماية لا للموارد الطبيعية ولا للأرض ولا للسماء، فالموارد الطبيعية يسرقها المتسلطون على رقاب الناس في شمال العراق، حتى أنهم لا يعترفون بدولته إلا عندما يمنحهم أموالا هي حق للمواطن البصري خاصة والجنوبي عامة (أكثر من مليوني برميل يتم تصديره من جنوب العراق)، وتركيا تتجاوز على أراضي عراقية وهو يغض الطرف عنها والتجاوزات وصلت حداً خطيرا ووزارة خارجيته تصمت صمت أهل القبور عما يجري هناك، والسماء تدخل الطائرات الأمريكية وتضرب بدون حتى أن تتمكن وحدات الدفاع الجوي أن تكتشفها لأن الأجواء بيد شركات بريطانية وأمريكية، فيا دولة الرئيس أين هي الحماية وماذا تحمي؟
قد تكون حشرت العراق حشراً في مؤتمر لا ناقة لك فيه ولا جمل، إلا إستكمالاً للصورة التي سوف يلتقطونها بعد نهاية المؤتمر، كان الأجدر بك أن تبتعد عنه إبتعاد الشخص السليم من الشخص المصاب بالجرب، لكن طالما أنك حشرت نفسك في ذلك فاسمع التالي:
بادين جاء ليعيد السعوديين الى حظيرته بعد أن إستمالتهم روسيا والصين، بالإضافة الى إعادة الإماراتيين الى نفس الحظيرة، بالإضافة الى إكمال مشوار التطبيع مع هاتين الدولتين من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، أنت أخر شيء يمكن أن يفكر فيه بايدن، لأنه يعلم أن أصغر موظف في وزارة الخارجية الأمريكية يستطيع أن يملي عليك ما يجب أن تفعله.
أخيرا فإن العلاقات مع الولايات المتحدة لم تتجاوز كونها علاقة العبد مع سيده خلال فترة دولتكم، وتمنياتكم بإدراك الخرف لعزم العراق حل مشكلاته ليست حاضرة في أجندته، ومستشاري بايدن يعلمون يقينا أنه مع خروجك من رئاسة الوزراء سيكون الوضع أفضل بكثير للعراق وللعراقيين، وهو الأن يعملون مقاربة لحسابات الربح والخسارة، وواقع الحال يشير الى أنهم أحرقوا ورقتك نهائيا ولم تعد تمثل لهم شيئاً.