كندي الزهيري ||
لا نتكلم من باب العاطفة أو من باب التعصب أو التحيز، لا من منطوق إسلام متشدد (تعصبي) ولا من باب الإسلام الليبرالي، إنما من باب السلام المحمدي الأصيل (إسلام الوسطية والاعتدال).
نشاهد الفوقية والطبقية واستقلال المناصب، لفرض العنصرية والتكبر على المجتمع والتحكم بمصير الفقراء والمستضعفين والتسلط عليهم والتحكم التام بمصائرهم.
يعتبر الإسلام من منظور نظام حكم "قائد النهضة العظمى" في المجتمع ورفض التميز الطبقي وهدم الفجوة بين الفقراء والضعفاء والمحرومين وبين المقتدرين والمتغطرسين والمتنعمين.
إن الجهاز الإسلامي التوحيدي، أن لا يستطيع إنسان بسبب ضعفه أن يأخذ حقه، ذلك ما ليس له مكان في إطار الحكم الإسلامي ((لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف حقه غير متمتع)) أي دون خجل أو الشعور بالدونية، أن الإسلام ينظر إلى جميع أفراد المجتمع أعضاء في جسد واحد دونما تميز، الحكم الإسلامي الذي ظهرت صورته واضحة للعيان كان ذلك بحكم الإمام علي (عليه السلام) في المجتمع الإسلامي له من الحق والحقوق ما لأي فرد من أفراد المجتمع، أكبر مسؤول في الدولة لا يستطيع في المجتمع الإسلامي أن يحيد عن القانون مستغل بذلك سلطته.
نذكر قصة؛ أتى رجل من مصر يشكو إلى الحاكم اعتداء ابن الوالي مصر آنذاك (عمر ابن العاص) عليه، فيكتب الحاكم إلى الوالي أن يقدم هو وابنه إلى المدينة، وحين سال الحاكم ابن الوالي، عن السبب الاعتداء، قال ابن الوالي؛ واين شاهده؟، قال له الحاكم؛ كفاه شاهدا أنه جاء من مصر إلى المدينة ليرفع شكواه، فأمر الحاكم بجلد الابن ثم جلد الأب، فرفع عمر ابن العاص صوته: لماذا أنا؟، قال الحاكم؛ إن ابنك استقوا بك لو لم يكن مدعوما بمنصبك ما فعل ذلك...
الدين الإسلامي لا يعطي فرصة للتجاوز على الرعية لا للحاكم ولا لبنائه أو أقاربه، وينظر إلى الحاكم على أنه خادم "للرعية لا سلطان عليهم"، مما يجبره على احترام الرعية وتوزيع الثروات بالعدل، ومنع تكديس الثروات بيد أقلية ، ((ما أريت نعمة موفورة إلا وبجانبها حق مضيع)) لهذا الإسلام يحاسب وبشدة كل من يتطاول ، و من يقوم تكديس الثروات وحرمان الرعية منها، أو التصرف في غير موضعها.
وإننا نرى بان الحرب على الإسلام تأتي من المعتاشين على التميز الطبقي، والذين يرون أنفسهم في الطبقة العليا، والآخرين في الطبقة الأدنى، معتبرين ذلك حق طبيعي، يخشون أن بتطبيق الحكم الإسلامي الحقيقي أن يجعلهم متساوين مع سائر أفراد المجتمع. وآخرون الذين يكدسون الأموال ويحتكرون الثروات ويمتصون دماء الفقراء، والمحتكرين التجارة وسائر الأنشطة الاقتصادية وآكلي الربا...
وثمة مجموعة أخرى لا تقبل وتعاقب من يتطرق على مناقشة الحكم الإسلامي، وهي الفئة الحاكم المستبدين لان ((لا إله إلا الله)) سوف تجعل الله على رأس الهرم المجتمع، لا فرعون ولا هامان ولا نمرود ولا معاوية ولا العباسي، لا الغرب ولا أمريكا، ولا الماسونية ولا صهيونية، لا الاشتراكي ولا الرأسمالي، يروق لهم (عدالة الإسلام)...
وإن الذين يعيشون في كنف الحكام مثل هامان ((وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً))
كان قزم فحوله فرعون إلى رجل كبير، أنه ذبابة جعل منها فرعون نسرا، وكذلك دائرة معاوية مثل المغيرة بن شعيبة وزياد بن أبيه هؤلاء من الملا الذين ساعدوا وزينة لمعاوية أعماله، وصدام وآل سعود وجميع طغاة العالم يشيعون عبر الإعلام بأنهم يواجهون الدين الإسلامي خوفا على المجتمع بعدما يثيرون الرعب والخوف عبر التزييف والكذب والأحاديث المزيفة، مستغلي أمرين: الأولى؛ الصورة التي رسمت في ذهنية المجتمع التي رسمها الطغاة عبر أذرعهم المتعصبة والمصنوعة في مصانعهم، والثانية؛ وجهل الناس بالإسلام وحكمه، يزخرفون ادعاءهم بأنهم يخشون على المجتمع من أن يخرب وهذا خداع وتجهيل للناس...
جميع سكان الكرة الأرضية في الماضي حكمهم المستبدين والطغاة، وفي الحاضر كذلك، والمستقبل مرهون بقبول دعوة كافة أبناء آدم قاطبة أن يفهم الإسلام جيدا، وخطواته في بناء المجتمع، وإقامة دولة العدل يتساوى فيها الجميع وينهي العنصرية والفوقية والطبقية، وداء العظمة والتكبر والتجبر، ويمنع كذلك صناعة الطغاة.
أنتم جربتم كافة الأنظمة والنظريات، ولم تزيدكم إلا بؤسا، فما الذي يمنعكم من تجربة الحكم الإسلامي المحمدي الأصيل، لا نظرية معاوية الدنيوية ولا العباسية، بل دين بيت رسول الله محمد (صل الله عليه وإله)، هنا يكمن الحل والتخلص من الظلم والقهر والفقر، فهل أنتم مستعدون لذلك؟!.
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha