حسن المياح ||
المكيافيلية كتفكير وسلوك عملي هي القوة الباطشة القاتلة لأصحاب العقيدة الدعاة، ( وأقصد بالدعاة هو كل شخص، وخصوصآ السياسي، مهما كان إنتماؤه الحزبي والسياسي، والهدف الذي يتوجه اليه، ويتغياه تحقيق وقوع ) لما يميلوا اليها إلتواء تحول عندما يفسرون التكتيك إبداع عمل تفكيري، ومهارة تجربة عملية لإقتناص فرصة يمكن أن لا تعود، أو لا تتكرر، وفقآ لما هم عليه من ميوعة قبول، وسيولة سلوك مظهر وجود، بفضل فذلكة شيطنة تتأبلس على أنها ديناميكية حركة إستيعاب، بثوب نشاط حراك سياسي القابل للتحول والقولبة ؛ لا للإيمان والتمحور، لما يكون الظرف النفسي ضاغطآ، وأنه فرصة ذهبية لتبديل الواقع الشخصي من هبوط ونزول وإحتقار الى صعود وإرتفاع وسمو حيازة وإمتلاك، بعد فقر وجوع وحاجة، بدفع من النفس الأمارة بالسوء، لما يكون التزاحم بين الباطل والحق، وبين الزهوق والحصحصة، وأن القوي الباطش، أو المعاند الزائح، أن يكون أحدهما ..وأن النفس الأمارة بالسوء تميل وتستجيب وتنجذب الى ما يلبي رغباتها وشهواتها، والنفس اللوامة (الضمير) تدعو الى السير على خط إستقامة عقيدة لا إله إلا الله، بما لهذه العقيدة الإلهية السماوية من قوة جذب هداية، وما لها من مغنطسة إرشاد .
والمعركة في داخل الإنسان بما هي جدل وصراع، هي بين النفس اللوامةبما هي قوة مراقبة ومحاسبة ولوم وتعنيف وهداية وإرشاد، وبين النفس الأمارة بالسوء بما للمادة من قوة جذب وحيازة..والإنسان السوي الذي تتفوق عنده، وترشد سلوكه، النفس اللوامة، بما هي قوة مراقبة ضمير، وضخامة سلطان محاسبة سلوك، يكون سيره حتمآ على خط إستقامة عدل عقيدة لا إله إلا الله، فتراه يعمل على الحق وبالحق، ويرفض الباطل، وينسف كل وشيجة ترتبط به مهما كان مردودها النفعي المكيافيلي الحرام.
والإنسان الذي يستعبده زخم دفع تلبية شهوات ورغبات النفس الأمارة بالسوء، ويقود بوصلة سيره موج عرامتها الهائج الكاسح القالع لكل ما هو ضمير ومراقبة ومحاسبة وتقوى وورع، تراه يخوض في مستنقعات رذالة وتعاسة التفكير، ويتمرغ في أوحال السقوط السلوكي والأخلاقي، ولكنه يروض عقله سفاهة وجاهلية وصعلكة سلوك تفكير، ويصور لنفسه مخادعة أنه يمارس مكيافيليآ سلوك مدارج العلا، وهو المتسافل الدرجات الهابط في الإنحطاط الفكري، وفي التردي السلوكي العملي، وفي السقوط الأخلاقي.. لما هو عليه الإنسان الفطري الطبيعي الإعتيادي، ولما هي الإنسانية في شموخها الخلقي في أحسن تقويم.
وما الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إلا هو جبهة وجانب الحق، الذي له ضمير رسالي معصوم مشبع بعقيدة لا إله إلا الله بما هي عليه من توحيد عقيدة ومنبع تشريعات، ومفاهيم قرآن تنور سلوك خط الإستقامة، وتوضح معالمه إضاءة مكشوفة لقيادة السلوك والتصرفات .
وما عمر بن سعد بن أبي وقاص إلا هو عنوان الباطل والإنحراف والزيغ والتحول والتقلب --- كالمومس اللعوب العابثة بشرفها، والمبيحته آعلانآ مكيافليآ من أجل المال، لا اللذة الشهوية الجنسية --- والمكيافيلي العقيدة والتفكير والسلوك والممارسة وإتخاذ الموقف، الذي تحكمت بعقله وفكره وقلبه النفس الأمارة بالسوء بما هي عرامة قهر شهوات، وعنفوان رغبات، وزهو إمتلاكات مادية، وضغوطات تلبية نزعات شيطانية مجرمة منحرفة فاسدة لئيمة معتدية.
وتقابلا هذان الوجودان المتناقضان، وهذان السلوكان المتضادان، وهاتان الشخصيتان المختلفتان عقيدة عبادة، ونوع سلوك، ونموذج أخلاق، وطراز تصرفات .....لما كانا وجهآ لوجه تحاورآ، وإلقاء حجة، وهما في ساحة معركة العقيدة وشهوات النفس الأمارة بالسوء --- وللدارس لعلم النفس والإجتماع، والمولع بحصد معلومات ثقافتيهما، أن يهتم بتأمل تفكير، وإستقراء وإستقصاء كل مواقف إتخاذ قرار --- من خلال اللقاء والتحاور بينهما --- التي تنتج وتصدر سلوك تجارب عملية وتصرفات سلوكية، ليستنتج ثمار نتائج بحوث علم نفس وإجتماع من نظريات وقوانين حاكمة، إستدلالآ برهانيآ إستنباطيآ، وسير إستدلال إستقرائي، لكل كلمة قيلت في الحوار، وكل ممارسة سلوك تصرف إنتهجت مسيرة حياة ...... لتعرف وهن وضعف وإنحراف وإجرام النفس الأمارة بالسوء ..... ولتميزها عن قوة العقيدة لما تثبت وتترسخ، وتكون هي بوصلة التفكير والسلوك والممارسة بما هي عليه من صلابة يقين، وثبوت وعي فاحص متمكن، ومن وضوح وإشراق، ومن طهر ونظافة، ومن عزة وكرامة، ومما الى ذلك من إرتفاعات زهو تفكير، وسمو إرتقاء ممارسات سلوك عفيف، ونبل أخلاق كريمة .
والأساس في كل هذا التناقض والتباين، والإختلاف والتقابل، والتصارع والتنافس .....، هو سلوك التصرف المكيافيلي المجرم المنحرف المؤدي الى الركوس والنكوس والسقوط في الجرائم والموبقات ... لما يكون هو الفيصل الحاكم في إتخاذ القرار ..... ولذلك قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء، من أجل سلوك مكيافيلي توسله منهج حياة إسترخاء وثراء، الذي يسول، ويبرر، ويجمل، ويزركش، ويزين، مصلحة ملك الري، ومليء ركاب عمر بن سعد فضة وذهبآ، ويدفعه هذا التفكير والسلوك المكيافيلي الى أن يجرؤ على قتل الحسين بن علي عليه السلام؟!
والفضيحة المدوية المعلومة المشهورة التي دونتها كتب التاريخ والسير، أن منطقة الري هي كانت أمنية عمر بن سعد، وأنه يبذل كل الجهد في أن يتملكها، ويستحوذ عليها، ويستأثرها لنفسه، وكان يترجاها، وينتظرها .. وهكذا هو السلوك المكيافيلي لما يغش، ويخدع، ويورط، وهو الذي دفع عمر بن سعد أن يتوسل آنتهاج السلوك المكيافيلي المجرم، الذي يبرر ويبيح كل وسيلة، وقام بقتل الإمام الحسين بن علي عليه السلام .... وهو لم يفز بتحقيق حلم الأمنية التي تملكه أرض الري وثمارها والتي عهد اليه بها، فخسر وأخذ يجر أذيال الخداغ والغش والغدر التي كان متعلقآ بها، وبكى ندمآ بإستجاشة شعور النفس اللوامة ( الضمير ) التي أنبته على فعلته، وسلوكه العملي المجرم، بعدما فشل، وضحك منه وسخر.. وأذرف المكيافيلي التفكير والسلوك عمر بن سعد الدموع أنهارآ، حسرة وتألمآ على ضياع ملك الري منه .. وأصبح يقلب يديه في ضياع وتيه وهلوسة التفكير والسلوك المكيافيلي الذي غشه وخدعه .. وهو المنتظر مصيره الى النار، بعد العار والشنار .
https://telegram.me/buratha