كندي الزهيري ||
في الوقت الذي كان ينتظر فيه ويترقب الشعب العراقي بعيون الأمل للوصول إلى اتفاقا سياسيا ينهي فيه الفوضى التي أنتجت بعد الانتخابات البرلمانية الأخير، وإذ بنا نرى انسدادا سياسيا وتكتلات هجينة، مسببة أزمة أخرى، تضاف إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. السبب الأكبر لهذا الانقسام هو انقسام البيت الشيعي، لنرى بأن كل طرف أصبح يبحث عن من يكمله "عدديا لا توجها أو برنامجا"، حتى يكسر الطرف الآخر، ولا زلنا في هذا الصراع إلى يومنا هذا.
أن كانت مشكلة لكنها ليست بتلك الخطورة مقارنة بعودة الإرهابيين، مثل حاتم سليمان ورافع العيساوي وغيره، وصولا إلى إيجاد سبل لعودة طارق الهاشمي بتسوية سياسية مخزية، كيف تثقون بمن قال أمس (اليد التي تضرب في البصره نريدها أن تضرب في الأنبار) بعدها قال عنكم وحرض عليكم يقوله (جيش صفوي جيش مجوسي جيش المالكي) وأكد بعد ذلك (أن الحشد الشعبي أن دخل الأنبار سنقاتله وسنقطع يده) وكان من مناصري الدواعش بل من الممهدين لهم.
الجميع يعلم بأن القانون في العراق يخضع إلى مزاجيات والتوافقات السياسية، لم ولن ينصف الضحية إنما يدافع وينصف الجلاد. كنا ننتظر بأن يدخل السياسيون الفرح على قبور الشهداء وأبنائهم وعوائلهم، وإلى الأسرى اليزيديات وإلى الشهداء من العشائر السنية وإلى أبناء الطائفة الشيعية، وإذ بنا نرى بأن الفرحة تمنح للإرهابيين بدلا من محاسبتهم، ليعود الإرهابي منتصر إلى بيئته ومعزز ومكرم، بينما لا زال الشهيد والجريح ينزف بسببه.
إن كان هناك تسوية سياسية من أجل إتمام صفقة التحالفات كحسن نية اتجاه السياسيين الآخرين الذين يدعون انتمائهم للمكون السني، فأننا نطالب بان تكون هذه التسوية منصفة وعادلة، من خلال المطالبة بتسليم من حرض ومن أيد ومن قتل الشعب العراقي على الهوية، والقصاص منه ولا نطلب غير ذلك، لكن على ما يبدون بان هناك اتفاقا تحالفيا مشروطا بإسقاط العقوبة عن المجرمين وإرجاعهم إلى الحياة من جديد، جيدا فعلتم أيها الساسة، لكننا نطلب منكم إرجاع أبنائنا إلى الحياة.
وعلى الساسة الشيعة ان لا يضعون أنفسهم بين المطرقة ولسندانه فلا مشروعية ولا شرعية لكم ولا تفويض يسمح بالتنازل عن تنفيذ العدالة بحق المجرمين، وان كنتم تتنازلون للأطراف الخارجية (خارج البيت الشيعي) وطنيين فما عذركم أمام من مزق الوطن وجعله ينزف، وإن كان مذهبيا فمن أعطاكم ألرخصه لطلاق القتلة والمجرمين ووضعهم في دائرة المفاوضات، وأننا نرى بان صورة 2010 وصورة 2014 تعود من جديد، وعلى ما يبدون بأنكم غير غادرين لا بالعاجزين عن ديمومة هذا النظام الديمقراطية ومواقعكم مرهونة بإنشاء مناطق للفوضى معتمدين على نفس الأدوات، وهذا يدل على عجزكم عن إيجاد قوى أو صنع قوى معتدلة تكون معكم بنفس النفس في الجهة الأخرى.
أيها السياسيون للمكون الشيعي إن كان لا بد من التنازلات، فما الذي يمنعكم من التنازل بعضكم لبعض، فلا سبيل لكم غير البيت الشيعي والشارع الشيعي الفقير المظلوم، شئتم أم أبيتم هذا واقع فرض وأنتها، بالعكس اليوم مطالبين بان توحدوا الصفوف وأن تعززوا الثقة بينكم وبين أهلكم من أهل الوسط والجنوب وتنشأ بيئة صلبة حقيقية بعدها اذهبوا إلى الأطراف الأخرى وأنتم متماسكين على صلابة.
وإن كنتم تبحثون عن التوافقات خارج البيت الشيعي من أجل كسر أحدكم الآخر، نقولها وبكل يقين بان أي حكومة تنتج من هذه التوافقات ستكون حكومة مؤقتة منتهية غير دائمة حتى وإن كانت لدورة واحدة وهذا حتما وقطعي ويقين، وإن لم تسمعوا اليوم للشعب بسبب أن لكم مستشارين إما جهلة لا يعلمون الواقع أو خونة، في كلة الحالتين، ستكونون ما بين سيف الإعلام وسيف الأحياء الشيعية الفقيرة التي أصبحت لا تثق فيكم، وان كنتم أهل عقل توحدوا من أجل الشيعة بال من أجل الوطن كبادرة حسن نية بينكم وبين الشعب، وإلا (ولات حين مندم) اليوم الذي تعضون فيه على أصابعكم ((فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ))...