كندي الزهيري ||
رمضان شهر الكرم والخيرات، وفيه دعوة إلى ضيافة الله عز وجل، من الناس من استثمر هذه الدعوة، واستعد لها، مستثمرها بالدعاء والتضرع والصلاة، لتطهير الروح، وآخرين لم يعرفوا من هذه الدعوة إلا الأكل والشرب، لكن هناك تلبية أخرى نعم هي أعظم استثمارا، من هم هؤلاء وما عناوينهم واين هم الآن؟، هم الشهداء الذين لبو دعوة الله عز وجل وتسابقوا إلى كرمه وتلبية لدعوته، بأرواحهم المقدسة وأنفسهم العزيزة واجاسدهم الطاهرة، أكرموا بها شهر الله عز وجل وعبيدة، وها نحن اليوم بكرم الشهداء الذين تناثرت أجسادهم الطاهرة مقطعة على أرض العراق (بلد الأنبياء المقدس) ومن أجل هذا الشعب المظلوم، طافت أرواحهم لتحرسنا، وتطوف لراحتنا.
نحن اليوم نعيش أجواء هذا الشهر الفضيل، بين عوائلنا سالمين مطمئنين آمنين، لا نخاف من شيء، كل هذه النعم من كرمكم يا أحرار. إن دمائكم روت النهرين، وحفظت المقدسات، وصانت الأعراض والحرمات، ومنعت أن يتحول الشعب إلى شعب ميت قابع تحت سطوة الظالمين. علمتمونا درسا عظيما في كيفية العطاء والكرم. وإن الكرم فيكم أصيل لا دخيل... ومرة أخرى يحتار القلم من أين يبدأ في وصفكم، وكيف نصفكم وأنتم أبعد وأعظم من مدارك العقل والفهم، فعجز العقل من معرفة حدود كرمكم ووزن تضحياتكم ومقارنتها، فلا يوجد في الكون ما يعادل قطرة من دمكم الطاهر. ومن هنا لا يسعنا إلا أن نقول فيكم، مخاطبيكم بمستوى عقولنا ومدارك فهمنا، بكم وبذكراكم نحيا، ومنكم نتعلم الكرم وأصوله، وفيكم نرتقي بين الأمم مفتخرين رافعين رؤوسنا، وبكم نعرف الكرامة والحرية، ومنكم نتعلم كيف نواجه الظالمين والفاسدين والمستكبرين، وكيف نأخذ الحقوق ونعيدها إلى أهلها، وكيف ننصر الحق وان اشتد إرهابهم. وإن زعموا بأنهم دول عظمى، بشهدائنا نحن أعظم، وان زعموا بأنهم أحياء، فنحن بشهدائنا نحيا. وإن زعموا بأنهم يسيطرون على العالم اليوم، نخبرهم باليقين أن المستقبل رسمه لنا شهدائنا فهو لنا ولا شك بذلك. وغدا سيأتي ومعه جيش من الشهداء، رافعين راية الحق المبين، ليأخذوا بيد هذه الأمة إلى بر الأمان وإلى مستقبل زاهر وحر ونظيف، وينهون فكر دول الاستكبار التي لم تصنع غير الموت والدمار وخراب الإنسان.
يقينا وباليقين نجزم بأن الغد لنا أن سرنا على نهج شهدائنا وهذا وعد الله لنا بأن غدا للمستضعفين من عبادة الكرماء ﴿وَنُرِيدُ أَن نَمُنّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾