المقالات

شهر رمضان سبيل الله


الشيخ محمد الربيعي ||

 

عبر الامام السجاد علي بن الحسين ( ع ) ، عن شهر رمضان بانه ( سبيل الله ) ، فما هو السبيل ؟ 

السبيل في اللغة: الطريق وما وضح منه، وسبيل الله طريق الهدى الذي دعا إليه، والإنفاق في سبيل الله، بذل النفقة في وجوه الخير .

محل الشاهد :

وإذا كان الله شقّ للناس سبل الإحسان التي تفتح حياتهم على الخير كلّه ، فإنّ هذه السبل لا تختص بالساحات الممتدة في رحاب المكان، حيث الأرض التي تمتد بالإنسان لتصل به إلى غاياته في ما يريد أن يصل به إلا مواقع أغراضه وحاجاته، بل تشمل ساحات الزمن - إن صحّ أن يكون للزمن ساحات - حيث ينفتح الإنسان على كلّ ما في آنائه من ساعاته وأيامه ولياليه وشهوره، لتحتضن حركته في أجواء الخير كلّه، في ما تمتلئ به ساحة الزمن من أفعال الإنسان وأقواله، لتكون حركة الزمن في مسؤوليته طريقة إلى الله، كما تكون حركته في المكان طريقه إلى الله في أجواء المسؤولية الشرعية.

و هكذا كان شهر رمضان سبيل الله الذي أراد للإنسان أن يبدأ رحلته إليه في ما أثاره فيه من أجواء، أو شرّع فيه من شرائع، أو حرّك فيه من أوضاع، وقد منحه الله شرف الانتماء إليه، ليعيش الناس الشعور بالمضمون الروحي الذي يجعل الزمن إلهياً يحمل في داخله سموّ المعنى الإلهي في ما يختزنه من رحمة وعافية ومغفرة ولطف ورضوان، وفي ما يمكن للعباد أن يحصلوا منه على المزيد من ذلك كلّه...

وليس معنى ذلك الاختصاص بالانتماء، أنّ الشهور الأخرى تفقد هذه الصفة في طبيعتها الزمنية وفي الألطاف الإلهية المحيطة بها، لأنّ الزمن كلّه خلق الله الذي جعله مفتوحاً على الحياة كلّها، وعلى الإنسان كلّه، من أجل أن ينال فيه رضاه من خلال حركته في مواقع طاعته في ما كلفه به من الأعمال التي تصل به إلى مواقع القرب منه، لأنّ المسؤولية لا تختص بزمن معين، ففي كلّ لحظةٍ زمنيةٍ، مهما صغرت، تكليفٌ شرعي يتوجه فيه الله للإنسان بأن يقف فيه عند حدوده، ولكن معنى هذا الاختصاص - في ما يبدو - هو الانفتاح الكبير لله فيه على عباده بفيوضات رحمته، بما لم يجعله الله لزمن آخر في ما هي القيمة، وفي ما هو المستوى، في الكمية والنوعية.. وهذا هو ما تعبّر عنه الكلمات المأثورة عن رسول الله محمّد(ص) في ما روي عنه من خطبته التي استقبل بها شهر رمضان، في آخر جمعة من شعبان، فقد جاء فيها:

"أيها الناس، قد أقبلَ عليكُم شهرُ الله بالرحمةِ والبركةِ والمغفرةِ، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، قد دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعِلتُم فيه من أهل كرامةِ الله، أنفاسُكُم فيه تسبيح، ونومُكُم فيه عبادة، وعملُكُم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مُستجاب، فاسألوا الله بنيّاتٍ صادقة وقلوبٍ طاهرة، أن يوفِّقَكُم لصيامه وتلاوة كتابه، فإنّ الشقيَّ من حُرِمَ غفرانَ الله في هذا الشهر العظيم".

فنحن نلاحظ في هذه الكلمات احتضان الله للإنسان برحمته وبركته ومغفرته في هذا الشهر، فقد حوّل فيه نومه إلى عبادة وأنفاسه إلى تسبيح، وتقبّل فيه عمله، واستجاب فيه دعاءه بالدرجة التي لم يمنحها له في أيّ شهر آخر.

إنّه الإحساس الإنساني الروحي الحميم بالجوّ الرمضاني الذي يدخل إليه الإنسان ضيفاً مكرّماً يتغذى بالرحمة والبركة والمغفرة في أجواء العطف واللطف والحنان بشكل مميز حميم.. حيث يعيش الإحساس بإنسانيته المنطلقة من روح الله عندما نفخ فيه الروح فأعطاه شيئاً من سموّها الذي يتصل بالله، وينفتح عليه في محبةٍ واحتضان، حتى يحسّ في هذا الاندماج الروحي بالعلاقة التي ينسى فيها عبوديته، وهو في قِمّة الخشوع في ممارسته لها...

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق و اهله

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك