ا. د جهاد كاظم العكيلي ||
ما الذي تبقى للعراق؟، سؤال يَشغل ذاكرة العراقيين، وسيظل يَطوف في مُخيلتهم الناجمة عن وحي الواقع المُعاش .. والكثير يتخيل أن الأمل أصبحت بوارقه كغروب الشمس لا كشروقها، وإن نهارهم لم يعد فيه ومضة للحياة بعد أن تبدلت كل المقاسات، وأن البلاد تحولت إلى بطاقات سكن يحملها الأشخاص، ولهم الحق أن يفعلوا ما يشاؤون .. فيما أرباب السيادة يتبادلون الألقاب لكي يعلوا شأنهم يوما بعد يوم .. ولا شأن لهم بالعراق، سوى شخوص وأسماء وألقاب مقترنة بصاحب الهيبة والزعامة والريادة والسيادة التي إكتضت بها بورصة السياسة، ورفعت من أسهمهم في بلد لم يتبقى فيه شيء، وما علينا إلا أن نستعد لِنعيهُ في يوم لا ينفع فيه الندم ..
وإن بكى العرب على غرناطة يوما ما .. فمن يبكيك يا عراق، بعد أن قُطعت كل حِبال حناجرك، وصرت بلا أصوت أو بأصوات مبحوحة لا أحد يسمعها، وخناجر الغدر وسكاكين الخيانة هي الأخرى قسَّمت أشلاءك بفعل من باعوا ضمائرهم .. فما الذي تبقى لكَ يا عراق، وأنت صاحب أطول عُمر في عمق التاريخ منذ أن كُنت غضا طريا ويافعا ..
ومنذ آلاف السنين كان مجدك يا عراق باق، ولم يجرؤ أحدا أن يقطع حبلا واحدا من حِبال أوردتك .. لكنك اليوم لم تعد كذلك، يا عراق، وكأنك تواجه قدر محتوم كتبه عليك أرباب السياسة، وكأنهم يقولون لكَ عُد، يا عراق، لتبضع حطب الشوك والعاقول لتدفئة أطفالك ..
فالنفط لم يعد ملكك ولا ملك أبنائك فقد ذهب عنك وعنهم بعيدا .. حتى صحاريك، يا عراق، إبتاعوا كل ما فيها من خيرات لكي تكثر مغانمهم .. وإن كل ما تبقى لكَ مُجرد شعارات وأصوات مبحوحة تُمجد هذا أو ذاك، وإبق لوحدك لمقارعة مِحن أنت لست سببا فيها ..
https://telegram.me/buratha