المقالات

نداء خاطئ..عزيزي الله ..!


   محمد مكي آل عيسى ||   الّذي دفعني للكتابة هو أنّي وجدت ظاهرة قد تكررت لأكثر من مرّة على مواقع التواصل ومن قبل بعض المؤمنين والمؤمنات ذوي النوايا الحسنة والنفوس الطيّبة وذلك أنّهم عندما يخاطبون الله الحقّ جلّ وعلا يستخدمون مفردة (( عزيزي )) ثم يردفونها بلفظ الجلالة وغيره من أسمائه تعالى (( عزيزي الله )) (( عزيزي الخالق )) . . . يستخدمون هذه التعابير ولا يقصدون أية إساءة على الإطلاق . لكن هل يجوز لنا أن نستخدم معه تعالى أي لفظة تأتي على بالنا أو نسمعها من هنا أو هناك ؟!  إننا وبحكم ولائنا لأهل بيت العصمة ع ولكونهم هم الأسوة بعد رسول الله (ص) كان لابد لنا من السير على هداهم والتمسّك بنهجهم القويم (ع) وقد تركوا لنا ثروة دعائية رائعة تتضمن مفاهيم عديدة في مجالات مختلفة ، وتلقّفها أصحابهم وأتباعهم فانتظمت في كتب عديدة لتكون رصيداً علمياً وأدبياً ونهجاً عمليّاً لكل من يريد أن يدعو الله ويناجيه ويتقرّب منه. ولو فتّشنا هذا الرصيد الضخم لم نجدهم ع قد خاطبوا الله وفي أي موقف بلفظة (( عزيزي )) ، وبحكم اقتدائنا بهم ( ع ) كما أسلفت علينا أن لا نخرج عن الألفاظ الّتي خاطبوا بها الحق جل وعلا . قد يقول قائل لماذا هذا التقييد ؟ أليس الله أقرب إلينا من حبل الوريد ؟ لم لا آخذ راحتي بخطابه وأناديه كيف أشاء ؟ نعم الله جل وعلا أقرب إلينا من حبل الوريد لكن هذا لا يعني أن نخرج عن إطار الأدب لأن العلاقة بيننا وبينه محكومة بكوننا عبيداً له جلَّ وعلا وبكونه هو المولى المطلق والإله والرب والملك الّذي لا يمكننا أن نكسر قيود الأدب في حضرته المقدّسة بذريعة القرب . . .  العلاقات بيننا نحن بني البشر علاقاتُ نوع ٍ واحد تحكمها قوانين النوع في الاجتماع وفي التعاملات المختلفة ، نسمح من خلالها لأنفسنا أن نتلاطف . . نتهكّم . . نتمازح . . نعتب . . نلوم . . نطلق الأسماء والأوصاف على بعضنا البعض مدحاً كل ذلك مطروق في ظرف اجتماعنا لكنه أمام قدسه تعالى يعتبر سوء أدب وتجاوزاً بل يصل إلى حد الكبائر لما يتضمن من استخفاف أو عدم رضا أو اعتراض وغيرها . مع أننا قد وضعنا قيوداً لعدم التجاوز بيننا كما أمرنا الله في قرآنه ببعض هذه الآداب ( لا يسخر قوم من قوم ) (ولا تنابزوا بالألقاب ) فكيف معه تعالى ونحن نرى تصاغر الأنبياء والأولياء بين يدي عظمته وهم يرفعون له الدعاء بكل وجل . . إلهي . .ربي . .ربنا . . اللهم . . . وغيرها من أسماء العظمة . أمّا لفظة (عزيزي) وأمثالها فهي من الألفاظ الّتي درج استعمالها بيننا ومع أنها تعتبر لطيفة وذات أثر إيجابي بيننا لكنها من الكلمات الّتي يمكننا أن نستعملها للتهكم والسخرية فكم من مرّة قلنا (( لا يا عزيزي أنت مخطئ )) وكم من مرّة أطلقناها لشخص لا نعرفه ولا نكن له المودة وليس ذا شأن عندنا لكننا وصفناه بـ (( عزيزي )) بل ربما كنّا في عراك معه.  وقد ينادي بها العالي الداني فالمدير ينادي الموظّف عنده عزيزي . . والمدرّس ينادي الطالب عزيزي . . وهكذا. بمعنى آخر أنها من الكلمات الّتي تدور بيننا نحن الناس . . هي كلمة على مستوانا نحن ولا ترقى لأن تكون لفظة نداءٍ لله الحق جلَّ شأنه وكثير من الألفاظ الَّتي قد تنطبق من جهة ما عليه تعالى لكننا لا يمكننا أن نصفه عزَّ وجلَّ بها فمثلاً يقول العلماء أن تقدير الله تعالى للمخلوقات هو كالهندسة لكن لا يمكننا أن نتّخذ لفظة المهندس اسماً له فنناديه به ؟!  أو كمثل آخر يقول العلماء أن الله واجب الوجود وهو العلّة الموجدة لغيره لكننا عندما نناديه وندعوه فلا نقول يا واجب الوجود ارزقني !!. أسماء الله وصفاته لها قدسيّة خاصّة وبعض العلماء يؤكّد على كونها توقيفيّة لا يمكننا الزيادة عليها فهي أسماء حسنى سمّى الحقّ المتعال نفسه بها ووصفه بها أولياؤه ع فلا يمكننا أن ننادي الله كما يعجبنا وبكل ما يخطر على بالنا  (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) وتكملتها . . (( وذروا الّذين يلحدون في أسمائه )) فيا ((عزيزي )) أترك لفظة (( عزيزي )) مع الله وناده يا إلهي . . يا رب . . تُظهِر بذلك ذلّتك أمامه وعظمته أمامك ولا تكون معه كالند استجير بالله  تخاطبه يا عزيزي . .   
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك