د.محمد العبادي ||
أثناء تواجد الإمام الخميني في النجف الاشرف أخذ النظام البعثي السابق يمارس الضغط عليه، وطلبوا منه أن يغادر العراق ، وفي أثناء وداع الإمام لأتباعه ومريديه قال لهم كلمة مختصرة: ( خيّروني بين أن أسكت وأبقى في العراق ،وبين أن أمارس النشاط السياسي وأترك العراق ، واخترت الشق الثاني وصممت على إيصال صوت شعبي المظلوم إلى كل الدنيا ولم أجد صلاحاً في ان ابقى في النجف للتدريس ).
كان الإمام يرغب في أن يمارس عمله السياسي ضد نظام الشاه من سورية أو من أحد البلدان الإسلامية ؛فقد كان يرى ان يذهب إلى الكويت، وبعدها يذهب إلى سورية،لكن الكويت آنذاك اعتذروا عن استقباله ثم رجع إلى البصرة ومنها إلى بغداد ، وكان يرافقه في تلك الرحلة ولده المرحوم سيد أحمد والدكتور ابراهيم يزدي وفردوسي پور واملایی .
لم یکن الإمام راغباً في الذهاب إلى بلد غير إسلامي لكن بعد أن سدت الأبواب بوجهه إلا باب بعض البلدان الأوربية وافق على الذهاب إلى فرنسا وخلال (٦) ساعات وصل إلى جنيف، وبعد استراحة قصيرة أقلعت الطائرة من مدرجها إلى باريس ،وتم الاتصال بأحد الايرانيين المقيمين في فرنسا لتهيئة منزل للإمام الخميني(ره) .
ما ان وصل الامام إلى باريس حتى جاءه الناس زرافات ووحداناً للترحيب به وتأييده.
فرنسا التي تدعي الديمقراطية والتحضر وحقوق الإنسان هي الأخرى اشترطت على الإمام إن أراد البقاء فيها فعليه ان يترك نشاطه السياسي ، لكنه قال لممثلي قصر الإليزيه الذين ابلغوه الموقف الرسمي :( أنا جئت إلى هنا من أجل إيصال صوت الشعب الإيراني المظلوم إلى العالم ، واذا تمنعونني من ذلك فسأخرج من بلدكم.).
يقول اسماعیل فردوسي پور - والذي كان مرافقاً للإمام الخميني أثناء ترحيله القسري من العراق إلى باريس - ؛ يقول : أثناء طي الرحلة الجوية تداولنا موضوع ( هل توجد أرضية مناسبة للعمل السياسي من داخل فرنسا ؟ وماذا لو منعتنا فرنسا من ممارسة العمل السياسي على أراضيها فماذا سنفعل حينئذ ؟ ولم نطرح هذه الهواجس والأسئلة في محضر الإمام خشية أن يتكدر خاطره ، لكننا عندما واجهنا الحقيقة ولم يكن من بد ، طرحنا عليه ذلك ؛ رد علينا قائلاً : ( هل تعبتم من السفر ، بالنسبة لي أنا لم أتعب من السفر ، واذا لم يسمحوا لنا فسأذهب إلى بلد آخر ، ابحثوا لنا عن بلد يقبلنا في الاستمرار بنشاطنا السياسي ).
هذا الخبر انتشر في فرنسا وتلقفته الصحف ،وكتبت بمانشيتاتها العريضة ( العجوز المقاوم لم يسقط أرضاً ).
ان هذا الرجل الهرم ذي الثمانين عاماً حاضر ان ينتقل من مطار إلى مطار ومن بلد إلى بلد لإيصال صوت أمته المظلومة إلى الناس جميعا، واذا لم يسمحوا له بالهبوط على أرض ما ، فسيذهب الى المياه الدولية ويستأجر سفينة أو زورقاً ومن عرض البحر يصدح ببلاغه إلى أسماع العالم .
نعم إنها العزيمة والصلابة والإصرار جسدها الإمام الخميني الراحل في قيادته للثورة من أجل أن تعيش أمته حياة طيبة .
ــــــ
https://telegram.me/buratha