يحظى التعليم في كثير من دول العالم بأهمية بالغة ، ويترجمون اهتمامهم ذلك ؛بوضع خطط كفيلة بتطوير مستوى التعليم والبحث في بلدانهم. إن الطلاب والمتعلمين هم ثروة البلاد المستقبلية ، وفي بلد مثل العراق يتحرك يومياً في ثلاثة مواعيد ؛ أكثر من عشرة ملايين من المتعلمين فضلاً عن الكادرين العلمي والإداري والفني والذي يعد بمئات الالوف . لنترك الحديث عن موضوع التربية في المدارس والذي أهمل اهمالاً واضحاً وهبط فيه ناشئتنا واشبالنا إلى أرض الانترنيت وجنة إبليس والملك الذي لايبلى ؛ ولأتحدث بشكل مختصر عن التعليم الجامعي بشقيه الأولي والعالي . بتصوري المتواضع ان التعليم الناجح هو الذي يبعث الأمل والطموح في نفوس الطلاب ، وليس صحيحاً ما نشاهده في ان يتخرج الطالب الجامعي محبطاً ويائساً من مستقبله . ان التعليم الصحيح هو الذي يعلّم الطالب المهارات وينمي فيه الاستعداد والقدرة على العمل ،وليس صحيحاً ما نشاهده من الكسل وعدم إتقانه لمهارة يشق بها طريقه في الحياة . ان التعليم الصحيح هو الذي تتشكل فيه شخصيته العلمية ، لا أن يبحث الطالب عن الشهادة والوثيقة بلا بنية علمية . لابد من وجود مشكلة في البين اذا كانت لدينا عشرات التخصصات العلمية والهندسية ولا نستطيع صناعة إبرة ، وعلى حد تعبير شيخ الأزهر عند تعليقه على كلمة الدكتور الخشت رئيس جامعة القاهرة( ان جامعاتنا منذ قرن من الزمان فيها كل العلوم ومراكز البحث العلمي ، وحتى الآن غير قادرين على صناعة إطار سيارة). لابد من وجود مشكلة في البين وكثير من طلاب الدراسات العليا لمرحلة الدكتوراه لا يستطيعون كتابة بحث من عشرين صفحة . لابد من وجود مشكلة عندما تكون جامعاتنا في آخر تسلسل المفاضلة أو معايير تصنيف الجامعات العالمية ، وبعض المتابعين يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول: ان جامعاتنا قد خرجت من تصنيف الأداء الجامعي العالمي (كواكواريلي سيموندس QS ) ، وتصنيف جامعة شانغهاي ، وتصنيف يبومتركس ، وتصنيف مجلة التايمز للتعليم العالي ، وغيره. ان مشكلة التعليم في العراق ليست أحادية الجانب ؛ بل توجد مشاكل متشعبة ؛ منها ما يتعلق بالتخصيصات المالية المتواضعة للجامعات ولمراكز البحث والتطوير العلمي . ومنها مايتعلق بعدم تحييد الجامعات من المحاصصة الحزبية فكم رئيس من جامعة لايملك المؤهلات العلمية والإدارية قد سيقت إليه المسؤولية عفواً ، الأمر الذي أدى إلى التخبط والتراجع . وهناك مشاكل أخرى تتعلق بعدم وجود بيئة تعليمية إيجابية . ومنها ما يتعلق بعدم مواكبة التعليم أو الأخذ بآليات التواصل العلمي . ومنها ما يتعلق بعدم الاستعانة بالخبرات والكفاءات الأجنبية . إنّ على كثير من المعنيين والاعلاميين ؛ عليهم أن يتخلوا عن تضليل الناس بالادعاء ان نظامنا التعليمي من أرقى النظم في آسيا .!!! عليهم أن لا يبيعوا الوهم ، ويعترفوا بالأمر الواقع في ان جامعاتنا لديها طاقات وأساتذة وتخصصات علمية، لكن لم تستثمر تلك الطاقات والإمكانات، وتقدمت دول مثل كوريا الجنوبية، وسنغافورة ،واليابان ،وماليزيا،وايران فيما بيقينا نحن نراوح في مكاننا ونتشدق كذباً بتقدمنا . على كل حال سواء كانت جامعات العراق تحتل مراتب متأخرة، أو أن أغلبها خارج مؤشرات التطور ومقاييس توزيع الأوزان العلمية ؛ فلابد من الابتعاد عن العمل المقطعي واليومي الذي يموت بإنتهاء عمل الوزير أو انتقاله ، والعمل على إيجاد خارطة طريق أو استراتيجية علمية ملزمة يعمل بمفادها كل من يتصدى لمسؤولية النظام التعليمي على أن تأخذ تلك الاستراتيجية العلمية ملائمتها لمتطلبات التصنيف والترتيب العالمي للجامعات ، وأن يستفاد من تجارب الدول المتطورة علمياً وثقافياً.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha