د. محمد العبادي ||
أخذ الشهيد الحاج قاسم سليماني موقعه في نفوس الأحرار بفضل عمله الدائب في سبيل نصرة الإسلام وأهله ، وكان بحق أمة ومخلصاً لله .
لقد كانت العبودية جلبابه ، والأرض على سعتها محرابه ، وكان مظهره العام يُذكرنا بأهل الخير والإيمان وبقول أمير المؤمنين عليه السلام (كَانَ لِي فيِما مَضَى أَخٌ فِي اللهِ، وَكَانَ يُعْظِمُهُ فِي عَيْنِي صِغَرُ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ، وَكَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ ....
فَإِنْ جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ لَيْثُ غَابٍ وَصِلُّ وَادٍ لاَ يُدْلِي بِحُجَّةٍ حَتَّى يَأْتِيَ قَاضِياً، وَكَانَ لاَ يَلُومُ أَحَداً عَلَى مَا يَجِدُ الْعُذْرَ فِي مِثْلِهِ حَتَّى يَسْمَعَ اعْتِذَارَهُ، وَكَانَ لاَ يَشْكُو وَجَعاً إِلاَّ عِنْدَ بُرْئِهِ، وَكَانَ يقُولُ مَا يَفْعَلُ وَلاَ يَقُولُ مَا لاَ يَفْعَلُ )..
من أجل هذا كتبوا فيه كتباً قيمة ؛ ففي ظرف سنتين من شهادة الحاج سليماني تم نشر (420)كتاباً ، ناهيك عن المقالات التي تعد بآلاف العناوين .
ان إنتاج هذا العدد الضخم من الجهود الثقافية وتلقفها بلهفة من قبل المجتمع يشير الى مدى التفاعل الحاصل مع الشخصيات التي تركت بصماتها في الحياة السياسية والأمنية والإجتماعية ، ويشير أيضاً الى العلاقة التبادلية الوثيقة بين المجتمع وقادته .
لقد اشترك في تلك الجهود جميع محافظات إيران ، ومن الطبيعي أن يكون نصيب بعض المحافظات متفاوتاً من التأليف حيث تقدمت العاصمة طهران، وبعض المحافظات مثل قم ومشهد وكرمان على باقي المدن الأخرى .
وفقاً لما ذكرته (وكالة أنباء القرآن الدولية ) ، وأيضاً بحسب وكالة أنباء الكتاب الإيرانية (إيبنا) ؛فقد بلغ عدد الكتب التي تناولت شخصية الشهيد سليماني وسيرته (420)كتاباً . وسجلت بعض الكتب أرقاماً قياسية في عدد طبعاتها وفي وقت قياسي ، وفيما يلي أستعرض ـ من باب المثال لا الحصرـ بعض تلك الكتب وتقديم بيانات موجزة عن مؤلفيها وعدد طبعاتها مع تعريف مختصر لها :
1ـ كتاب : (شاخصهای مکتب شهید سلیمانی ) وتعریبه : خصائص مدرسة الشهيد سليماني ، لمؤلفه علي شيرازي وهو أحد الأصدقاء المقربين من الحاج قاسم سليماني،وتم نشر الكتاب من قبل دار نشر (خط مقدم ) ،وقد سجل هذا الكتاب رقماً قياسياً في عدد طبعاته حيث بلغت (120 )طبعة .
لقد وجد هذا الكتاب مستقره في قلوب الناس وتشوقهم لقرائته؛ لأن صاحب الكتاب كان من أصدقائه المقربين ، وقد ذكر فيه أقوال الشهيد سليماني، وذكرياته وأيضاً ذكريات الآخرين معه و وخصوصيات مدرسته وتفكيره .
2ـ كتاب (از چیزی نمیترسیدم ) وتعريبه ( لم أكن خائفاً من شيء ) أو (لا أخاف من أي شيء) ، وقد تم إعداده وتحريره من قبل محمد مهدي باقري،وطبع من قبل (مدرسة الحاج قاسم).
هذا الكتاب تم إعادة طبعه (108 )مرات،هذا الكتاب يتناول حياة الشهيد سليماني من ولادته الى بداية انتصار الثورة في سنة 1979م ، ويعتبره كثير من المحققين والنقاد من أفضل ماكتب عن حياته في تلك الفترة المباركة من عمره الشريف .
3ـ كتاب (سليمانى عزيز) وتعريبه ( عزيزي سليماني ) ، إشترك في تأليفه كل من :عالمه طهماسبي ، وليلى موسوي ، ومهدي قرباني ،وتم طباعته من قبل دار نشر (حماسه ياران ) .
ويمتاز هذا الكتاب بسهولة عبارته وعذوبة ألفاظه،وقد تم إعادة طبعه (80 ) مرة ، ويتضمن حواراته ولقاءاته وذكرياته المختلفة مع أصدقائه ومعارفه ، كما يحتوي على النص الكامل لوصية الشهيد الحاج قاسم مرفقاً بملحق تصويري له .
4ـ كتاب(سردار مقاومت سرباز ولایت)وتعريبه (قائد المقاومة وجندي الولاية )،هذا الكتاب قام بصنيفه قاسم نصيرزاده،وطبع من قبل دار نشر (خادم الرضا عليه السلام ـ قم ) .
وصلت طبعات هذا الكتاب الى (35) طبعة ، ومحور هذا الكتاب يدور حول حكايات وذكريات الحاج قاسم سليماني .
وهناك كتب أخرى كثيرة صرفنا عنها عنان القلم رعاية للإختصار .
إن وجود هذا الكم الكبير والنوعي من المؤلفات التي تتناول جوانب مختلفة من حياة الشهيد سليماني ، ونفاذ تلك الطبعات وتعددها بشكل قياسي يدل دلالة واضحة على مدى تأثير شخصية الشهيد سليماني في قلوب الناس، وأن الناس تتأسى بسيرته العطرة ، كما يدل نفاذ تلك الكتب من الأسواق بوقت متقارب على وجود جمهور كبير للمقاومة يتلقى ثقافتها الأصيلة بشغف ونهم ، وأن هناك بصيرة لدى الناس تدعوهم للإقتداء والإحتفاء بشهدائهم .
أظن أن دور النشر ومؤسسات التأليف والترجمة في خصوص شهداء المقاومة والشخصيات الخالدة في العراق وغيره تحتاج الى تعريب كثير من الكتب المفيدة ، والى الكتابة والتوثيق بهذا الحجم الذي قدمته الأقلام الإيرانية حول الشهداء .