المقالات

الفارابي يعزف في سوق الصفافير   


  حمزة مصطفى ||   تكاد تحمل كل أحياء وشوارع وساحات العاصمة بغداد إسمين أو ثلاثة على الأقل طبقا للعهود والأنظمة السياسية التي مرت على العراق طوال 100 عام من عمر دولتنا التي إحتفلنا قبل أيام بمئويتها الأولى. وبصرف النظر عن إختلاف التسميات والمسميات حسب الأهواء والأذواق لهذا النظام أو العهد أو ذاك فإن كل هذه الأحياء والشوارع والساحات بل وحتى الأزقة تحمل دائما وأبدا وستبقى الإسم الأول لها طبقا لنظرية أبي تمام "ما الحب الأ للحبيب الأول". لو أردت عرض إحصائية هنا للأحياء والشوارع والمدن والساحات والأزقة في بغداد حصرا لأحتجت الى موسوعة لا مقال حيزه محدود في صحيفة يومية.  كل قارئ لهذا المقال سوف يكون في ذهنه عدة أحياء وشوارع وساحات وأزقة تغيرت تسمياتها عدة مرات طوال نصف 60 سنة من عمر العراق الحديث. فالأنظمة التي تلت العهد الملكي الذي كان مستقرا في سلوكه وتسمياته طوال 38 عاما كانت كلها دون إستثناء " كورها وكور" الشوارع والساحات والأحياء. هذا الأمر أدى الى أن تتزاحم الأسماء على العشرات من الأحياء والشوارع والساحات لأن كل عهد يريد أن يخلد الحاكم أو الزعيم أو الرئيس أو القائد.   ولأن الأنظمة التي تلت الملكية لاتعمر طويلا في العادة فإن النظام الذي يأتي يغير أحيانا بالجملة تسميات الشوارع والساحات والأحياء والأزقة الإ مارحم ربي أويتم  نسيانه أو ربما هناك رمز تتفق عليه كل تلك الأنظمة وهو نادر في كل الأحوال. لم يختلف نظام مابعد عام 2003 عما قبله من عهود وأنظمة في فلسفة تغيير المشاهد والشواهد. فعلى مدى الثمانية عشر عاما الماضية كانت ومازالت له صولات وجولات في تغيير الأسماء والمسميات مع علم  الجميع أن الذاكرة الشعبية الجمعية تبقى تحتفظ إما بالأسم الأول أو الأسم  الأكثر شهرة.   ومع ما أشرنا اليه من عمليات التبديل والتغيير فإن هناك أسماء تبقى فوق الميول والإتجاهات بشكل من الأشكال في الأقل. من بين هذه الأسماء فضلا عن المتنبي الذي يعاد الآن تأهيل شارعه الشهير المتفرع من شارع الرشيد هناك الفارابي الفيلسوف والرياضي والطبيب والموسيقي صاحب كتاب "آراء أهل المدينة الفاضلة". الرشيد هو الآخر بقي مثل المنصور الذي وإن خضع تمثاله الى عدة محاولات إجتثاث لم تنجح غير قابل للتغيير برغم مرور العديد من الأنظمة والعهود وهذه إحدى الإيجابيات بالتأكيد. لكن مشكلة الفارابي تلفت النظر بسبب إختيار مكان غير مناسب لوضع تمثاله الذي كان نحته النحات الشهير المرحوم إسماعيل فتاح الترك. وللطرفة فإن الشاعر الراحل عبد الرزاق عبد الواحد كان يمازح الترك قائلا   "إسماعيل فتاح الترك .. كلها تماثيله جرك". والحق أن تماثيل الترك تحفا فنية لا"جرك", إذا تحدثنا عن الرصافي وعبد المحسن الكاظمي وأبي نواس وغيرها.  فالتمثال وضع في ساحة شهيرة إسمها "ساحة الوثبة" وفي منطقة مشهورة بإسم حافظ القاضي. فماصلة الفارابي بالمكان حتى لو كان بالمكين كما يقال. فللوثبة رجالها وكان يمكن إختيار أحدهم لتخليده. والأهم ماذا لو أراد الفارابي العزف وهو الموسيقي المعروف .. هل يسمع عزفه أحد لاسيما إنه بالقرب من .. سوق الصفارين؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك