عباس زينل||
الكثير من المؤدلجين فكريًا، المنخدعين بالحداثة الدينية والانفتاح، ويتحججون بأن الإسلاميين متأخرين ورجعيين، ويطالبونهم بالكف عن التدخلات في الشأن الاجتماعي، قبل سنوات كنا نسمعهم غالبا، يطالبونهم بالكف عن التدخل في الشأن السياسي، وبأن عملهم يقتصر على الدين والشأن الاجتماعي والخطب الدينية، وكيف نتوضى وكيف نصلي ونصوم ونتصدق، وكيف ينهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف.
اما اليوم بعد إنفتاح هؤلاء على الفكر الغربي، وعلى ما يدعون به التطور والانفتاح، قد أحدثوا ضجة لقيام خطيب حسيني، بانتقاد ظاهرة إقامة حفلات صاخبة في وسط بغداد، بدعوة فنان ممنوع له إحياء الحفلات في بلده مصر، هنا يجب الإشارة على نقطة مهمة جدًا؛ وهي بأن المنبر الحسيني يعلم جيدًا، بأن هناك الكثير من الحفلات قد أحييت سابقًا أو لا زالت تقام، إذًا لِمَ انتقدوا حفلة هذا المدعو " محمد رمضان " بالذات!، الجواب هو بأن المنبر الحسيني او الحوزة الشريفة لديهم رؤى واضحة في هذه الأمور، ويرون في إقامة مثل هذه الحفلات، إساءة للصبغة الإسلامية في العراق، وحرب ناعمة تواجه فكر المجتمع المحافظ وابنائه، في هذه الحفلات إنفتاح للانحلال الفكري، كالتعري والتحرش والمثلية وغيرها.
الغريب في الأمر بأن الكثير منهم يتحججون بقولهم؛ هناك الكثير من الإسلاميين يعملون السيئات بأشكالها المختلفة، أو البعض يقول لِمَ هذه الضجة، وكأن الوضع أصبح جيدًا، بحيث هؤلاء قاموا بالتظاهر ضد هذه الظواهر!، وكأنهم وضعوا حدًا للفساد الحكومي، كأنهم أصلحوا الوضع المأساوي للبلد، وأين كنتم عندما تظاهر الشباب وقُتِلوا، ومجموعك كثيرة من التعليقات والمداخلات، وجميعهم يدعون الانتماء لمدرسة أهل البيت عليهم السلام!، لا أعلم هل هم جاهلون او يتجاهلون، عن أحاديث أهل البيت، وأحاديث جدهم الرسول صلوات الله عليهم أجمعين!، أحاديث كبيرة وكثيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس هناك اي ربط؛ بين ان هناك الكثير من المسيئين في الإسلاميين، وبين ان هناك بعض الإسلاميين يتظاهرون ضد هذه القضايا، وبين ان الوضع المعيشي للبلد منهك، وبين ان هؤلاء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، الدين وأصحاب المنابر يتصرفون بتكليف، لا تتأثر عليهم آراء بعض المجاميع، الذين يرغبون برقص شخص متعري أمام عوائلهم بداعي الفن والانفتاح، نحن لا نخاطب من هو يؤمن بالانفتاح الغربي والانحلال الفكري، نحن نخاطب من هو يدعي بأنه في خط الإسلام، ويسلك منهج ومذهب أهل البيت عليهم السلام، نحن نخاطب الذين يحضر المجالس الحسينية، ولكن مضحوك عليه من قبل الإعلام بحجة الانفتاح، يعز علينا ان نرى شخص في صدره آثار اللطمة، وهو يدعو الخطباء للكف عن التدخل في هذه الأمور، الخطباء الذين لطالما استمع لهم في المجالس الحسينية، الخطباء الذين كثيرا ما اوصلوا له قول الحسين عندما قال: إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون،
الحر الذي يقصده الحسين هو ذو الأصل، الذي حتى وإن اختلف معك؛ ولكنه يملك حسبًا ونسبًا واصلًا، يجعله يتمسك بالأصالة الإسلامية القيمة، فليس هناك في منهج الرسول وأهل بيته أحاديث، تمنعك عن ممارسة دورك وتكليفك الإسلامي، والسكوت عن المنكرات بحجة حريات الآخرين،
الحرية هي ان تمارس الامر لوحدك، دون ان تصدره لمجتمع معتقداته تخالف ما تريد إصداره، قد يقول بعض لم الشيعة يمارسون طقوسهم في محرم، ولا احد يتدخل في ذلك ويمنعهم!، او هل الغناء والرقص والتعري أصبح طقسًا او دينا وتقليدًا؟!، أوَ هل هؤلاء المجتمعين في هذا الحفل جميعهم من طائفة معينة، ونقول عنهم دعوهم فهؤلاء يمارسون طقوسهم ودينهم؟!، حريات الآخرين هي دين وطقوس طوائفهم، وليس ما تريده انت وغيرك في حفل صاخب وداعر.
المرجعية بعد حرب داعش بأيام قليلة قد حذرتنا من هذه الحروب، الحروب التي وصفتها بالفكرية، واستهداف المبادىء الأصيلة والتقاليد الجيدة، وهي أعظم الحروب، كونها ناعمة وتدخل بيتك وبين يد أطفالك وأنت منشغل بغير أمور، يجب الانتباه والتركيز على أطفالنا وتوجيههم نحو القيم الأصيلة، القيم الإسلامية السامية التي تحفظ وتبني لنا جيلًا محترمًا، جيل يواجه الفكر الغربي المنحل، وذات قوام فكري وثقافي أصيل.