عباس زينل||
قبل الخوض في غمار الحديث، يجب تعريف طريق الحرير ولو بشكل مبسط، تعود تسمية الحرير بهذا الاسم لسنة 1877، عندما اطلق العالم الجغرافي الألماني فرديناند فون ريتشهوفن، على طريق المواصلات لتجارة الحرير، بين الصين وبين الجزء الجنوبي والغربي لأسيا الوسطى والهند.
هو خط المواصلات البرية القديمة الممتد من الصين وعبر مناطق غرب وشمال الصين وآسيا كلها إلى المناطق القريبة من أفريقيا وأوروبا، وبواسطة هذا الطريق كانت تجري التبادلات الواسعة النطاق، من حيث السياسة والاقتصاد والثقافة بين مختلف المناطق والقوميات.
أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013، وهي مشروع واسع النطاق يهدف إلى ربط بلدان العالم ببعضها البعض عبر شبكة من الطرق البرية، والسكك الحديدية، والموانئ، وخطوط أنابيب النفط والممرات البحرية وشبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تمر بالصين و 65 بلدا آخر. وقدمت الحكومة الصينية هذه المبادرة باعتبارها وسيلة لتحسين التعاون والاتصال في ما بين المناطق.
وأطلقت الصين هذا المشروع الذي بلغت کلفته تریلیون دولار، واستقطب 8 تريليون دولار إضافية منذ إطلاقه، وتركز المبادرة على خمسة مجالات هي : التنسيق في ما بين السياسات الإنمائية، وإنشاء بنى أساسية ومرافق وشبكات، وتعزيز الاستثمار والعلاقات التجارية، وتحسين التعاون المالي وتكثيف التبادل الاجتماعي والثقافي.
العراق وبسبب موقعه الجغرافي المحوري المهم، يعتبر ممرًا رئيسًا في هذا الطريق، ولذلك سارع رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، ولامتلاكه عقلية إقتصادية فذة؛ في 2019/10/5 الى تفعيل الاتفاقية الصينية، والتي تضمن الحزام وطريق الحرير في بنودها.
الاتفاقية الصينية بسبب بنودها الرئيسية المهمة، والتي ستنعش الاقتصاد العراقي بعد انضمامه لطريق الحرير، ومن ضمن بنود الاتفاقية الصينية ،إنشاء ميناء الفاو الكبير، والذي سيكون ممرًا رئيسيًا لسفن الملاحة العالمية، وهذا بدوره يشكل تأثيرًا كبيرا، على ميناء دبي الإماراتي وميناء المعقل الكويتي،
محمد بن راشد ال مكتوم بعده شعوره بالخطر الاقتصادي؛ قام بإرسال إيعاز إلى السفارة الامريكية في العراق، للتحرك سريعًا وإحداث فوضى داخل العراق، لإنهاء الاتفاقية الصينية، ولهذا بعد 5 أيام فقط من تفعيل الاتفاقية مباشرة، في تاريخ 2019/10/10 تم الترويج لمظاهرات كبرى في العراق، تحت حجة القضاء على الفساد وبعنوان " نريد وطن "، الشعب العراقي الذي عانى ما عانى من الفساد، وبعد سطوة الأحزاب السياسية على مقدرات العراق، كانت أسبابًا كافية للخروج في مظاهرات عارمة، بغض النظر عن من يقودها وأسبابها، حيث شاهدنا الكثير من التمويل المالي والفكري للمظاهرات، ولا سيما من قبل الإمارات، والتي دعمت بشكل كبير بعض الأحزاب بملايين الدولارات، للولوج في داخل الاحتجاجات والحفاظ على سيرها بشكل طبيعي، وكما قد تمويل أصحاب البيجات الكبيرة، للعمل على الترويج واستمرار الروحية،
وبهذا قد تم إسقاط عادل عبدالمهدي وضياع الحلم.
الكاظمي والذي يمثل إختيار إمريكا، وبحجة الانفتاح على الدول العربية، قد عمل إتفاقيات مع الدول، التي تعمل على إبعاد العراق عن طريق الحرير، حيث عقد عدة إتفاقيات إقتصادية، التي تغطي على نسيان الاتفاقية الصينية، ومنها التي مع مصر ومع السعودية والإمارات، وهذه الدول نفسها، قد قامت بإنشاء مذكرات تفاهم إقتصادية مع الصين، وتفعيل الاتفاقية الصينية للانضمام على طريق الحرير، وفي تلك الفترة تم اغتيال مدير الشركة الكورية، المنفذة لميناء الفاو الكبير.
الكاظمي ومتحركا من قبل إمريكا والخليج، ومحاولة منه لنسيان الاتفاقية الصينية بشكل اكبر، قام بإحياء المهرجانات الغنائية التي تدعى بالثقافية، منها في بابل ومجيء الكثير من فناني العرب، في حين عجلة الاقتصادي العالمي في تقدم كبير، وسباق لازدهار اقتصادهم وانتعاشه، إلا ان العراق في سباق لإقامة وإحياء المهرجانات الغنائية، التي لا تغنينا ولا تسمننا!.
السياسيين العراقيين قد باعوا ضمائرهم مقابل حفنة من الدولارات، وقد ساعدوا هذه الدول المتآمرة على العراق وإقتصاده وسيادته، لذا يجب على الشارع العراقي الباحث عن الأمل، التحرك سريعًا لتفعيل الاتفاقية الصينية، واللحاق مع بقية الدول بطريق الحرير، ولا سيما ان العراق يعتبر قلبًا وتاجًا لهذا الممر العالمي.