المقالات

ما بين الضدين..الغَيبة والظهور..!


  محمد مكي آل عيسى ||   تُعرف الأمور بأضدادها وتتمايز بذلك ، يعني أننا نميّز اللّيل بشروق الشمس ليكون النهار ، ولو كان النهار مستمرّاً لما عرفنا شيئاً يسمّى ليلاً . . ونميّز الشتاء بذهاب الصيف ولو كان الشتاء مستمرّاً لما توقّعنا أن هناك فصلاً يسمّى بالصيف . .  معظمنا أدرك نعمة العافية لكن متى ؟! حين مَرِضَ ، ولولا المرض لم يدرك غلاوة العافية وهكذا . .  فإذا كنّا في وضع ثابت لم يتغير علينا لم نكن سنتوقع أن حال التغيّر كيف سيكون. . بل أحياناً لا ندرك أن هناك ظرفاً آخر أو وضعاً آخر يغاير ما اعتدنا عليه أبداً. . ولنأخذ نعمة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل . . نعمة من نعم الله الّتي قلَّ من حَمِد الله تعالى عليها . . بل لا يستشعر معظمنا أهميتها أصلاً !  إنها نعمة الجاذبية الأرضية تلك النعمة لم نفتقدها يوماً حتى نستشعر غلاوتها ، افتقدها رواد الفضاء فحسب في ظرف تم إعداده لذلك ، تلك النعمة الّتي كانت بالمقدار الّذي لو قلّ فكنّا سنحتاج إلى تثبيت كل شيء بالأرض مخافة أن يطير والّتي لو كانت أقوى لما تمكنّا من أن نسير وننتقل إلّا بمشقّة بالغة ، فمَنْ مِنّا حمد الله عليها ؟! نعم لأن الأمور تُعرَف بأضدادها . . . ولأن ليس لله ضدٌّ فقد عزَّ عن الإدراك  نحن اليوم نعيش حالة من فقد نعمة جليلة عظيمة ، نعمة حضور الإمام ع وأي إمام ؟! إنه المرتقب المأمول محقق حلم الأنبياء والآخذ بذحولهم ، نحن لم نعش فترة حضور لإمام زمان فنقارن الغياب بالحضور . . بمعنى آخر إننا لا نقدّر النعمة الّتي حُرمنا منها . . نعيش حياتنا بشكل طبيعي !!  تحدثت الروايات عن أن اختلاف الحياة في عصر ظهوره وإنها ستختلف كثيراً وكأنها ستكون جنة الله في أرضه . . لكننا لا نجد سوى القليل ممن قرأ تلك الروايات وهو يتأوه ويتحسّر ليل نهار على عدم العيش في دولته المرتقبة صلوات الله عليه والسبب ما ذكرناه ليس هناك إدراك حسي لنعمة حضوره حتى نتألّم لفقد تلك النعمة . لقد حاول أئمتنا عليهم السلام أن يبينوا لنا الأمر باختصار لعلنا نفهم الفرق بين حضوره وغيابه ع من خلال كلماتهم وما ورد عنهم ففي تفسير الآية [اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون]. ورد عنهم ع "حياة الأرض بعدل المهدي عليه السلام بعد موتها بالجور"  أرادوا أن يبينوا لنا الفرق بحضوره ع وبين غيابه ع فبينوا لنا أن الفرق بينهما كما هو الفرق بين الموت والحياة ! وهل هناك نسبة بين الموت والحياة ؟! وفي الدعاء "واعمر اللهم به بلادك وأحيي به عبادك" . . . فعبادك موتى بغيبته ولكنهم لا يشعرون  وفي الزيارة " السلام عليك يا عين الحياة" . . . بمعنى يا أصل الحياة أو أساس الحياة  وعندما ندعو الله فإننا ندعوه من الحيثية التي تتلاءم مع دعائنا فنسأله باسمه المشافي للشفاء وباسمه الرزاق لطلب الرزق وبسمه الغفور التواب لطلب المغفرة والتوبة وهكذا ، وفي دعاء العهد ننادي الله باسمه الحي وندعوه بهذه الحيثية " يا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ وَ يا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ وَ يا حَيّاً حينَ لا حَيَّ يا مُحْيِيَ الْمَوْتى وَمُميتَ الاَحْياءِ، يا حَيُّ لا اِلـهَ اِلّا اَنْتَ " لأننا واقعاً نطلب الحياة بعد الممات  نعم فحياتنا بدونه ع ليس حياة وإنما الحياة بحضوره لذا لا نجد تقييم الحياة في ظل دولته ع إلّا عند من علم يقيناً ماذا ستكون وكأنه قد عاشها كما ينقل عن الصادق ع : [سيدي] غيبتك نفت رقادي ، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصائبي  بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد بفناء الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقأ من عيني وأنين يفشا من صدري . . . فإذا كان صادق أهل البيت ع يرى ذلك !! ففي أي غفلة نحن نحيا ؟! بل في أية موتة نحن نعمه؟! . . تُرى هل يمُنُّ الله تعالى علينا بنعمة نحن لها منكرون وعنها غافلون ؟! وهل سيتعلّق قلبنا بضدٍ لم يحدث يوماً على وجه الأرض ونحن نعيش ضدّه منذ آلاف السنين ؟!  اللهم ما عرّفتنا من الحق فحمّلناه وما قصرنا عنه فبلّغناه . . فإنك إن لم تبلّغناه ما عرفنا ما بعده من لم الشعث وشعب الصدع ورتق الفتق . . يا كريم
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك