عباس زينل||
دعونا نغض النظر عن فساد بقية الوزارات والمؤسسات، والتي يحصل فيها فساد وبشكل مستمر وكبير جداً، ونأخذ وزارة الدفاع أنموذجا للفساد، بأعتبارها أكبر مؤسسة أمنية دفاعية في العراق.
وسوف أتحدث بلغة الأرقام، والتي تعتبر موثقة بكتب وبيانات رسمية، في أيار 2008 ابتاع العراق ست طائرات مدنية من كندا، وتم شراء الواحدة منها بـ38 مليون دولار، كانت سعة الطائرة الواحدة 76 راكباً، بعد ذلك تبين أن العراق دفع سعراً أعلى من السعر الحقيقي لتلك الطائرات بكثير.
وفي شهر أيلول 2014، أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك، حيدر العبادي، عن وجود خمسين ألف موظف وجندي "فضائي" في وزارة الدفاع العراقية وحدها، ويتم قبض رواتبهم وبشكل مستمر.
وفي كانون الأول 2018، شكل مجلس النواب العراقي لجنة للتحقيق في عقود شراء الأسلحة التي أبرمها العراق مع دول أخرى. التحقيق أجرته لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، وأعلن عضو اللجنة آنذاك، عباس ثروت، أن التحقيق يشمل كل عقود شراء الأسلحة منذ 2003 وحتى نهاية حرب داعش.
مجموع مبالغ تلك العقود التي أبرمها العراق لشراء أسلحة حتى 2016 بلغ 150 مليار دولار، لكن هناك شبهات فساد كثيرة تحوم حول تلك الصفقات، لهذا بدأ مجلس النواب العراقي التحقيق فيها، لكن نتائج التحقيق لم تظهر لليوم!.
دعونا لا نذهب بعيدًا، حيث قام المفتش العام في وزارة الدفاع رائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء الذي عيّن بعد احتجاجات تشرين، بعمل صفقات فاسدة كبيرة جدًا لشراء الأسلحة، حيث تم التستر على هذه الصفقات؛ لقربه من رئيس الوزراء.
بعد الإطلاع على هذه الأرقام المرعبة للفساد، هل سمعت يومًا قيادي في الأحزاب يطالب بحل وزارة الدفاع؟!، أو هل سمعت يومًا ظهور احد القيادات منتقدا لهذه الصفقات!، هل سمعت يومًا لواء او فرقة في الجيش او الشرطة، يطالب بالانفصال أو الانفكاك عن مؤسستها؟!. مع تمرد بعض القيادات في بعض الأجهزة الأمنية، وقيامهم بإلقاء القبض على شخصيات قيادية في الحشد، من دون أمر قضائي مصدر بشكل رسمي.
إذًا لماذا الحشد فقط؟!...لماذا يتم أنتقاد الحشد في كل صغيرة وكبيرة!، لماذا الجميع يستهدف الحشد، في لقاءاتهم وتصريحاتهم وتغريداتهم في كل مكان، لماذا هذا التمرد على الحشد من داخل الحشد نفسه، مع ان البعض يملكون ألوية خاصة بهم في الحشد، ويتصرفون وكأنهم جِهاز امني خاص، ولا يمكن لأي احد انتقادهم، ومع أنهم يستلمون جميع حقوقهم من الحشد، في حين لا يتلزمون بأوامر رئيس أركان الحشد!، او ليس هذا خرق قانوني وتمرد واضح على الدولة!.
إذا القضية ليست قضية إصلاح مؤسسة او تصحيح مسارها، ولا انتقاد بناء يصب في مصلحة المؤسسة والدولة، وإنما هو البحث عن السيطرة على القيادة، ومسك زمام الأمور وذلك بعد تسييسها وتذويبها.
فيا أيها المصلحون، أيها المنزهين عن الأخطاء والهفوات، إن كنتم تقصدون الإصلاح وتصحيح المسار، فلديكم علاقات جيدة مع رئيس الحشد ورئيس أركانه، تستطيعون الإتصال بهم او الجلوس معهم والتحدث عن الإصلاحات، فالصديق الذي يعثر ويخطأ، أستطيع نصحه بيني وبينه، بعيدًا عن التشهير وتشويه السمعة،. فنحن جميعنا ركاب في سفينة الحشد، إن غرقت غرق الربان والركاب جميعا.
والسلام على من عرف من له ومن عليه وكان الحياد مكروهًا