قاسم آل ماضي||
تُعتَبرُ الكُتبُ وتَدويِنَها للأَزمانِ السالِفةِ وسيلةً لِحفظِ المَعلوماتِ وحقائقُ التاريخ. بل رُبَما تَكونُ الوسيلةُ الوَحيدةَ للإعلامِ في نَفسِ الوَقتِ.
وقد إختارَ الباري القرآن ليكونَ وسيلةَ لِنَقلِ التَعالِيمِ الرَبانِيةَ ووسيلةُ إعلامٍ ومعَ مالهُ مِن خَصائِصٍ، ومُعجِزاتٍ وأحداثُ أخبارَ الأُمَمُ السالِفةَ وتجارِبها وعُلومِها حتى إنَ رَسولَ الله قَبلَ وفاتهِ أرادَ أن يَكتُبُ كِتاباَ لِحفظِ الأُمةِ لِيكونَ قانوناَ يُنَجي من الضَلالِ، ووصفهُ كِتابُ لن تَضلوا مِن بَعدي أبداَ.
لكن المُنافِقينَ حالوا بَينَهُ وبَينَ ما يُريد لِطمْسِ الحَقيقةِ وتَغييبها وإشباعُ نَزعاتَ النَفسَ الأمارةِ بالسوءِ والمُطيعةُ لِشَيطانِها من ظُلمٍ، واقصاءٌ وكلُ أمراض النَفسُ البشرية التي هي سَبَبُ الفَوضى العارمةَ من ظلمٍ يَمرُ بهِ المُجتَمعُ الإسلاميُ بل والإنسانيُ.
وكذلك كُلُ المُسَتعمرينَ، والتَوَسُعيينَ وناهبي ثَرواتَ الأُممِ من المُتَعجرفينَ الذين لَجئوا الى إخفاءِ الحَقيقةِ وتَزييفها بشتى الوَسَائلِ، كما فَعلَ هولاكو حِينَ ألقى آلالافُ الكُتبَ في النَهرِ لأنها كانت تَحملُ الحقيقةَ.
وفي الحُروبِ الرومَانيةِ ضِدَ مِصر بين يوليوس قَيصر وشَقيقُ كليوباترا حَيثُ التَهَمتْ النيرانُ ألالافَ بل عشراتُ آلآلاف من لَفائِفِ البردي في مَكتَبةِ الإسكندريةِ التي تَحوي تأريخَ حُقْبَةَ من الزَمنِ وحِينَ إستسلامُ غِرناطةُ أخرَ مَعاقِلَ المُسلمينَ في ألأندَلُسِ جُمِعَتْ كُلُ كُتُبَ المُسلِمينَ وأُحرِقَتْ وجُرِمَ مَنْ يَحتَفظُ بأيِ كِتابٍ حتى القُرآن، بِعُقُوبةِ المَوتِ بأمرِ الكَنيسةِ الكاثوليكيةِ.
ولَعلَّ أكبرُ المكتباتِ أمناَ في التأريخِ هي مَكتبةُ الوزيرُ الفارسي عبد القاسم إسماعيل في أَواخرِ القِرنِ العاشر وهي المكتبةُ الجَوّالةُ التي تتالف أربعةُ مِئةَ جَملاََ. تَحمِلُ مِئةٌ وسبعةَ عَشرَ ألف كتاباَ بطولِ كيلومترينِ. وكانت الجِمالُ كذلكَ فِهرسُ عنوانُ الكُتبَ. كُلُ مَجموعةٌ منها تَحملُ أَحَدَ الحروفَ الفارسيةَ، الاثنان والثلاثون.
وهي عنوانُ الكُتبِ. وفي وقتٍ قَريبٍ أَقدَمَ الأمريكانُ على حَرقِ جُزءٍ كَبيرٍ من مَكتبةِ بغداد، ونَهبوا نَفائِسهاَ
وكُلُ ذلك من أجلِ تَغييبِ تأريخَ الأُمم وتزويرُ الحقائقَ.
واليومُ إحتَلتْ وسائلُ التَواصلُ الإجتماعيُ والمُدَوناتُ الرَقمِيةُ الفَضائياتَ الكثيرةَ.
ذلك الدورُ الذي كان يُنَاطُ بالكتبِ وطَبعاَ إنتَقلَ ذلك المَرضُ، مَرضُ التَزييفُ والخِداعُ لِتلكَ الوسائلُ.
هذا ما يُفَسِرُ ما شَهِدَتهُ الساحةُ العراقيةُ من ضَغطِ إعلاميٍ مَحمُومٍ مُزَيَفٍ لِتَحريفِ رأيِ الشارعَ العراقيَ عَمَّ جادةَ الصواب.
وكانت عِصارةُ ذلك أحداثُ تشرين والضغطُ لإسقاطِ عبد المهدي والنيلُ من الحَشدِ.
وَلَعلَّ أكبرُ مصداقيةِ لهذا الحديثُ هو تزييفُ الإنتخاباتِ، وإخفاءُ حَقيقتِها وهي إرادةُ الشَعبَ وطموحاتهُ وإذا كان الأَمرُ طبيعياَ، وسَلِساَ، وحيادياَ، ما المَانِعَ من العدِ اليَدوي إنصياعاََ لرأي الجماهير أو جزءاَ مِنهُمْ.
إنَّهُ حَقُ الشَعبَ وهم وكُلُ مَسؤولٌ من واجبهِ خِدمةُ الشَعبَ. لا نَهبُ ومصادرةُ آراءه.
إذن لم كل هذه الامتيازات التي أنسَتهم انهم خَدَّمَّةُ الشَعبَ لا المُحتَلَ.
وإن لم يكونوا كُفئاَ لِشرفِ خِدمَةِ شَعبِهم فمزابلَ التاريخ لم تمتلئ بعد
المَكانُ يَتَسِعُ لأمَثالِهم من العُملاءِ والفاسدين.....
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha