د.أمل الأسدي ||
عاداتٌ ترسخ في أذهاننا، وأفعالٌ مازالت تمرُّ في مخيلتنا، فيلفُّنا الضيق ونشم رائحة الكراهية،فمن القيام والجلوس المحرِّض إلی أهازيج الموت والتباهي بالسلاح العربي،إلی يوم القدوة،ذلك اليوم الذي يخيِّم علی الطفولة ويثلم رغبة الصغار في المواصلة ويكسر ما في داخلهم،(يوم القدوة) الذي أحيته بعض المدارس في الأسبوع الماضي وتحت عنوان(الطالب المثالي)،يوم القدوة الذي كان ومازال يذهب لتكريم ابن المعلِّم أو ابن المعلمة أو ابن المدير أو قريبه،ويضاف إلی هذه الخيارات الآن(ابن المستثمر أو قريبه)!! فبعد مضي عامين من الركود والانقطاع عن الدراسة والدوام الحضوري،كان لابد من احتواء الأطفال وتشجيعهم ودعمهم لينسجموا مع الدوام الحضوري،وهذا مافعلته أغلب دول العالم،إلا أن بعض مدارس العراق ارتأت أن تتعامل بشكل آخر مع التلاميذ!! وفي الوقت الذي نری فيه سياسة الدول المتقدمة وهي تحول المدارس إلی أماكن جاذبة للأطفال،تنمّي مواهبهم،وتستثمر طاقاتهم،وتصنع منهم نماذج صالحة للحياة والعمل،نجد مدارسنا ولاسيما الأهلية تكسِّر رغبة التلاميذ،وتخمد فيهم جذوة الموهبة والتميّز،تلك المدارس التي في أغلبها تختار المعلمين والمعلمات علی أساس الأقل كلفة!! فتدفع لهم 250 الی 300 الف دينار كراتب شهري وتلغي قضية الكفاءة،حتی وجدنا بعض معلمات مادة اللغة العربية تضرب للطلبة أمثلة عن الفرق بين الضاد والظاء، فتضع كلمة (ضالم) مثالا للضاد!! وفي ظل هذه الأجواء ترشح المعلمة بعض التلاميذ للتصويت عليهم من قبل زملائهم تحت مسمی(الطالب المثالي) فينتهي اليوم وقد تم تدمير طاقات عدد كبير من الأطفال المتميزين!!
ولو كانت هناك رقابة شديدة ومتابعة لما سمحوا لهم بعودة عادات البعث المدمرة لشخصية الطفل!!
فيوم القدوة سلوك فرضه صدام حتی علی مدارس الكويت حين غزاها،ويُذكَر أن المدير العام لتربية الكويت المكلف من قبل صدام (شهاب أحمد الجاسم) قد أوعز بتطبيق يوم القدوة، فالنظام الصدامي كان يحرص علی هذا اليوم؛لإيمانه بأنه يغرز الأنانية في نفوس الأطفال،ويزرع فيهم الوصولية والتملق،ويقتل الإبداع لدی عدد كبير من الأطفال!!
ولو كان جهاز الإشراف مستيقظا ومتابعا بالشكل الذي يجعله يراقب ويبني في آن واحد، لفهّموا تلك المدارس أن الببغائية ليست معيارا للتفوق والذكاء!!
ولعلموهم كيف يحولون مدارسهم إلی أماكن جاذبة،أماكن بناءة!!
الآن عاد يوم القدوة تحت مسمی(الطالب المثالي) وغدا سيعود يوم البيعة ويوم الزحف العظيم ويوم النخوة ويوم القائد مادامت المتابعة مفقودة، ومادام التوجيه معدوما!!