حسن المياح ||
( الحلقة الثانية )
《 الرفقة هي صحبة طريق، ومصاحبة إجتماع تفاعل سلوك ..... والأخوة هي بذرة ولادة ووحدة نشوء، وإجتماع تربية وصلاح تهذيب، في عالم التكوين وعلاقات الوجود 》
حق للعلمانيين والمدنيين والليبراليين ( بما هم إنتماء لأنظمة إجتماعية سياسية وضعية ) أن يطالبوا وبقوة بفصل الدين عن السياسية، لأنهم لم يعيروا للقيم الخلقية حساب أساس وجوهر، بل ولا حتى إعتبارآ، والتعامل عندهم هو تحقيق منافع ذات إستئثارآ وآحتكارآ، لذلك يسهل عندهم الإنحراف لما تتطلب مصالحهم سلوكه طريقة تعامل وتصرف . والمباديء عندهم هي طبخة مزاج يسيل لعابه حفنة شعارات كاذبة زائفة، خادعة مزركشه، منظرها وشكلها الخارجي يجذب لما فيه من حلاوة كذب، وطلاوة غش، وجوهرها وباطنها لو إطلعت عليهما لوليت من خبثهما فرارآ، ولملئت من عمالتي إستئثارهما وآحتكارهما وحقدهما رعبآ .... تلك هي مدنيتهم البالية المنبطحة، وعلمانيتهم الخاوية المضطجعة، وما يدعون اليه من ليبرالية سائبة مترنحة، بإنفلات وسوء سلوك عملي على أساس الحرية، فيما هم عليه من نظرية وتطبيق .
وكذلك هي الأحزاب الدنيوية تأسيسآ وغاية، لما هي عليه من تسيب وإنفلات وإنحراف، عندما تتأسس على أساس براجماة ذات، التي تسوغ كل الوسائل المتاحة لما هي عليه إلتزامآ مكيافيليآ أسلوب تعامل وطريقة تصرف مما يحقق الغاية في منفعة الذات، وإن جانبت نبالة القيم الخلقية الشريفة المؤدبة الرفيعة السامية علو تعامل، وسمو تصرفات، ما دامت الغاية تسوغ وتتيح وتبرر أي وسيلة تستخدم مهما كان لونها، وأي واسطة تستعمل مهما كان شكلها.
لأن المهم النتيجة من دون إعتبار لما هي المقدمات، وفقآ لقاعدة الإرتكاز على الإنحراف والخيانة، إذا تطلب الأمر ذلك .... وما أكثر الأمور عندهم التي تتطلب وتحتاج الإنحراف سلوك تعامل، والخيانة طريقة تصرف .
والرفقة عندهم كإصطلاح حزبي وسياسي هو بمثابة اللفظ الفارغ عند إطلاق النداء، وهو التعبير الساذج الذي لا معنى له ( كما هو إعتقاد الوضعية المنطقية عند تعاملها مع القضايا ) كصيغة تعامل إنتماء .
لأن الشيء الذي يخلو من محتواه، لا قيمة له، وهو الكذب والخطأ، كما يقول الأستاذ " آير " الفيلسوف العالم إمام المدرسة الوضعية المنطقية، الذي يعتبر الجملة التي لا معنى لها، والتي لا تحقق وجود واقع لها، أنها قضية كاذبة، وهي الخطأ بعينه، وكذلك هي القضايا الميتافيزيقية عند المدرسة الوضعية المنطقية، أنها ليست قضايا، لأنها لا تخبر عن وجود واقع محسوس . وعليه فلا إعتبار للقيم الخلقية بما هي تعبير عن قضايا معنوية، لا وجود مادي لها في الواقع الخارج يرى أو يحس . و" الخيانة " هي الأخرى كسلوك تعامل، من ضمن القضايا المعنوية الخلقية التي لا وجود واقعي مادي لها في الخارج.
والرفقة هي كذلك من جنس القضايا المعنوية التي لا واقع خارجي لها . فالرفقة والخيانة سواء، ليستا قضية، فلا إعتبار لهما، ولا جذب إنتباه أن تخون أو لا تخون، فهما سيان، وأنهما ليست قضايا، ولا معنى لهما.
هكذا يلوثون الرفقة، ويمجدون الخيانة والإنحراف، الماديون الدنيويون الذين ينتمون الى الأحزاب الدنيوية المادية، والى العلمانية والمدنية والليبرالية، وما شاء الوضعيون من إنشاء وتأسيس تشكيلات وتسميات خلابة براقة، لا قيمة حقيقية لها، ولكنهم يتعاملون معها على أساس أنها قضايا لها معنى، ولها وجود خارجي واقع، لأن المصلحة تتطلب ذلك .... وإلا فهم في إشكال تناقض.
فلا تعجب لما ترى، أو تسمع، أو تقرأ، أن الخيانة تتفشى بكل وضوح وجهر وعلن بين القادة الرفاق أنفسهم في الحزب الواحد، فضلآ عما هي بين الأحزاب المتنافسة والمتصارعة في الساحة السياسية، وأنهم المتجاهلون الرفقة ( التي هي عندهم كلمة خاوية ) التي يستخدمونها تعبيرآ عن علاقة تعامل لفظآ فيما بينهم، وليس إعتمادها سلوك صادق دائم في علاقات وجوداتهم الحزبية، لأن الغاية تسمح وتبرر الواسطة، وتتيح وتمرر الوسيلة، من أجل براجماة الحزب والذات المتحزبة.
فعن أي رفقة ( بما هم عليها من فهم ) يتحدثون، ويتمشدقون، ويتفاخرون، ويمجدون، ويقولون نحن رفاق..؟
https://telegram.me/buratha