المقالات

اصلاح ما بين السياسيين


 

 الشيخ محمد الربيعي ||

 

جاء في وصية أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع) ، لولده الحسن ( ع ) يقول : أوصيك يا حسن و جميع و لدي و أهل بيتي و من بلغه كتابي من المؤمنين ، بتقوى الله ربّكم ، فإني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصّلاة و الصّيام ، و إنَّ البُغضة حالقة الدّين ...

ان الإمام ( ع ) في وصيَّته ، يؤكّد ضرورة هذا الامر في ذات الفرد و المجتمع و الامة ككل ، و يؤكد ضرورة ايضا ، أن يتحمَّل المجتمع كلُّه مسؤوليَّة القيام بمهمَّة الإصلاح بين المختلفين بكلِّ الوسائل الإنسانية الممكنة ، لأن الخلافات بين الناس قد تقود إلى نتائج سلبية مدمِّرة للمجتمع .

ونحن نعرف أنّ الخلافات الموجودة الآن بين المسلمين ، سواء على المستوى المذهبي بين السنة و الشيعة ، أو على المستوى العرقي بين العرب و الفرس ، و بين الأكراد و العرب ، مكَّنت الدّول الاستكبارية ـ و في مقدّمها أمريكا ـ من السيطرة على الواقع الإسلامي كلّه ، فعندما نقارن بين عدد الأمريكيين و عدد المسلمين ، نجد أن عدد الأمريكيّين لا يزيد عن مائتي مليون شخص ، بينما عدد المسلمين يصل إلى المليار و نصف المليار من النّاس ، و مع ذلك ، نجد أن الأمريكيين يسيطرون على كلِّ مقدّرات العالم الإسلامي ، فهم يسيطرون على المواقع الاستراتيجية ، و الثروات الاقتصادية ، و الالتزامات السياسية ، لأنّهم ينطلقون من موقف موحَّد في مواقعهم السياسية و مصالحهم الاقتصادية ، بينما يعيش المسلمون في ظلِّ الخلافات الطائفية و المذهبية و العرقية .

ثم اكد الامام ( ع ) ضمن وصيته المؤكده و الوارد من الخاتم ( ص ) ، على امر ضد يقابل اصلاح البين وهو بقاء و التوجه الى مبدأ البغضه التي

 عبَّر عنها بأنها ( حالقة الدين ) ، لأنّها تحلق دين الإنسان ، كما يحلق الموس شعر الإنسان ، لأنَّ الإنسان عندما يدخل في خلاف مع الآخر ، فإنه يستحلُّ منه كلّ محرَّم ، فيسبُّه و يشتمه ، و يعطّل عليه مصالحه ، و يوقعه في الضّرر ، ونحن نسمع بعض النَّاس عندما كانوا يختلفون مع بعضهم البعض يقولون : سقطت كلُّ المحرَّمات ، أي أنَّ المحرَّمات تصبح جائزةً ما دام أنَّ الخلاف استحكم بيننا وبين الفريق الآخر ، فنقتل و نجرح و ندمِّر...

كلُّ هذه الأمور تؤدي إلى نتائج سلبية ، و أوّلها أنّها تحلق للإنسان دينه ، فبعض الناس ممّن يصلّون و يصومون و يحجّون ، نراهم يستحلّون دم الآخر عندما يختلفون معه ، فيقتل المسلم المسلم ، و يقتل الشّيعي الشّيعي ، و يستحلّون أن يدمّروا بيوت النّاس ، وأن يقفوا ضدّ مصالحهم ، سواء على مستوى الواقع الاجتماعي أو على مستوى الواقع الدولي .

أيُّها الأحبّة ، إنَّ الخلافات في مجتمعاتنا الإسلاميّة ، سواء على مستوى الأمّة ، أو على مستوى البلد أو الأوضاع الشخصيّة ، او بين السياسيين ، تنخر في جسم الأمَّة ، و تؤدّي إلى كثير من النتائج السيّئة التي تضعف قوّتها . لذلك ، فإنَّ علينا أن ننطلق من وصيّة الله و رسوله، و من وصيَّة أمير المؤمنين علي ( ع ) و هو في طريقه إلى لقاء ربِّه ، بأن نعمل ، كلٌّ بحسب قدرته و بحسب طاقته  لإصلاح ذات البين .

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق و شعبه

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك