عمار الجادر ||
كان هناك تاجر يملك شركات, تدار شركاته من قبل مدير فاسد؛ مرض التاجر, وتعهد المدير امام ذويه انه سيعمل على تلقي التاجر العلاج الامثل في افضل المشافي في العالم, ونظرا لانشغال ذوي التاجر بأمور الحياة تواكلوا على المدير الفاسد, وبالفعل اخذ ذلك المدير الفاسد يبحث عن افضل مشفى في العالم, ويكتب الوصولات الباهظة الثمن في سفراته, والتاجر يستفحل عليه المرض, حتى اطمأن المدير ان المرض اصبح في سن اليأس لدى التاجر, عاد به الى مشفى المدينة القديم, متظاهرا بحرصه على تأمين حياة التاجر حتى بمبالغ طائلة, ولكن كان الجواب: (( ان حالته بيد الخالق, خذه الى بيته ليموت بسلام)).
ثلاث سنوات عاشها التعليم في بلادي مريض, وادعى الفاسد ان تعطيل الدوام سيكون عاقبته بمدارس مؤثثة وتليق بمكانة ابنائنا, حتى كنا نجابه بصور شوارع يملئها الطين ويحتجون بها علينا, زعما منهم انهم يبحثون عن افضل المشافي لأطفالنا, وكانت عبارة ( ماكو وطن ماكو دوام) مخطوطة على جميع المدارس, ومرض الجهل يستشري في اطفالنا, فمن دخل المدرسة قبل ثلاث سنوات وهو يحلم ( بدار) اوهموا اهله بانهم سيبنون له ( دور), وهكذا حتى عاد ذلك المسكين وهو في صف الثالث الابتدائي ولم يجد في عقله حتى ( صريفة اهلة القديمة).
من المسؤول عن هذا الدمار الذي حل في التعليم, فبعد عناء وانقطاع, عاد النورس الابيض الى عشه الصغير وقد وجده باليا لا يصلح للسكن, وكل ما فعله الذي ادعى انه حريص على مستقبله هو غسله بالماء, دون ان يعلم انه من القش, ولكثرة النوارس لم يجد ذلك النورس حتى مكانا يجلس فيه, ولم يجد كتابا يقرأ به درسه, فالرحلات المدرسية عليه ان يشتريها, والكتب والقرطاسية عليه ان يشتريها وينسخها من المكاتب, وبعدما كان الدفتر المدرسي الذي ثمنه ( 1 دولار) يباع بألف دينار عراقي, اصبح ب1500 دينار نظرا لارتفاع الدولار, وقس على باقي المستلزمات الاخرى, ومديريات التربية تتعمد وضع العراقيل امام المدارس الحكومية لكي تذهب مضطرا الى الاهلية.
انها مؤامرة كبرى على التعليم, وعودة بنا الى تاريخ الشيوخ والاقطاع, فقد كان الاقطاعي يتعمد ان يعرقل على ابناء الفلاحين طريق العلم لأسباب, الاول: كي لا يكون ابن الفلاح افضل من ابنه, والثاني: كي لا يتنور ابن الفلاح بالعلم ويحاربه به, وهكذا فمن هجم على المدارس واغلقها اراد ان يضيع جهله في المجتمع, وان لا نميز بين الجاهل والعالم, وكذلك اراد ان يكون له جمهور اكبر من الجهلة الامعية.
على ذوي المريض ان يتركوا جميع ملاهيهم الدنيوية, وينظروا قليلا لمريضهم قبل ان يكون عمره بيد الخالق, و ان لم يكن حبا فيه, فلتحبوا ثروته التي استنزفها فساد الفاسد ولهوكم عنه, وبدل ان تبحثوا له عن وطن من الخيال, ابنوا وطنه الذي ضاع بسبب احلامكم البالية.
https://telegram.me/buratha