عمر الناصر ||
الحكمة تقول قُلْ الحَقْ ولو كان على نفسك لان ذلك شيمة من شيم الفرسان وصفة من صفات الرجال وخصلة من خصال النبلاء ، لقد ذكرت قبل اكثر من سنة وتحديداً في عام ٢٠١٩ بأن الانتخابات التي جرت مؤخراً ستكون من اخطر المنعطفات السياسية والتجارب التي ستتغير فيها قواعد اللعبة بشكل ملحوظ وسيكون هنالك مغادرة حقيقة لبعض الوجوه السياسية التي تصدت للمشهد السياسي ومن الباب الخلفي ، تلك الوجوه التي فشلت في تحقيق اي منجز ملموس والتي اثبتت بمسيرة ال ١٨ عام من التغيير عدم امتلاكهم اي استراتيجيات ناجعة او عقلية حقيقية لبناء دولة المؤسسات القائمة على اساس مبدأ المواطنة البعيدة جداً عن واقع التسقيط والاقصاء والمحاصصة الذي يمارس لتصفية الخصوم السياسيين بين الحين والاخر .
حتى وان كان البعض منا يراقب من فوق التل فلابد لنا النظر بعين الموضوعية لاثارة بعض التساؤلات المشروعة التي تحتاج منا لاجابات واقعية نقارنها بين حجم التضحيات التي اعطيت وكمية المكتسبات التي اُخِذت وعلينا ان نعي كليا اذا ماكانت تلك الاجوبة حقاً تتطابق مع ارض الواقع و لابد لنا من الدخول بحذر لتفاصيل ما ألت اليها نتائج الانتخابات لان البعض منا يصف نسبة المشاركة المتدنية بأنها اوضح رسالة واقوى عقوبة جماعية للسياسيين القابضين على السلطة ، والبعض الاخر يصف ان هنالك جمهور محتكر قد استغل بذكاء فرصة مقاطعة الاغلبية الصامتة من جمهور المستقلين لابراز من يمثله وليصل به الى نتائج مرضية دون عناء، ومابين هذا وذاك ارى بأن كلا النتيجتين هما واقع حال فرض نفسه واستخدم بوصلته واثار علامات استفهام وتعجب وصدمة كبيرة للمقاطعين الذي اصيب البعض منهم بالندم من عدم المشاركة بسبب حصول المستقلين على ٢٠ معقد على الاقل ، وبين نتائج الخاسرين اصحاب الجمهور الواسع والمُنظم الذين من حقهم ان يشعروا بالغبن والظلم بتلك النتائج الغير منطقية حسب اعتقادهم وسط عتب شديد من جمهورهم على العملية الانتخابية برمتها، ولكن لنصيغ السؤال بشكل خاص ومنفرد ونفكر به جيداً ونفكر به دوماً لاننا اليوم امام انعطافة حقيقية لمعرفة الحقيقة الكاملة دون تزويق لكي لايكون هنالك اي عملية لشق عصى الرأي العام بتفاهات سياسية ما انزل الله بها من سلطان ونفكر ملياً وجدياً هل ان الحشد الشعبي حقاً ليس له جمهور قادر على انتخابه وايصاله لمصادر صنع القرار السياسي !؟ ام ان مكامن الخلل الحقيقية تقع في بعض الشخصيات المحسوبة عليه !؟ ام ان وجود الخلل يتحمله الجمهور او قد يكون في العوامل الخارجية الدولية والاقليمية بمساعدة بعض وسائل الاعلام التي تعمل على عزله وتحييده لكي يفقد تأثيره الكامل في المشهد العام بشكل كامل ؟؟
اذا امعنا النظر بجميع الاجواء المحيطة بدعمه واسناده فأن الجواب المنطقي والطبيعي يقول ان جميع المعطيات الموجودة على الارض ابتداءاً من طرد وكسر شوكة الارهاب وانتهاءاً بجميع عمليات مسك الارض تدفعنا بأن لانشك اطلاقاً بعدم وجود جمهور ثابت مؤمن ايمانياً روحياً ايدلوجياً وعقائدياً بمن حرر المدن من قبضة التنظيم ايماناً منهم بالتضحيات التي قدمها الحشد ورداً منهم للجميل ولسان العقل يقول لن يكون ذلك الا عن طريق صناديق الاقتراع ، والدليل ان جمهورهم لايقبل اطلاقاً القسمة على اثنين ولا يمكن مقارنتهم مع جمهور السياسيين المتذبذب الذي يتعرض لاهزات ارتدادية سياسية بين الحين والاخر ونسبته المئوية بلاشك متباينة وقابلة للارتفاع والانخفاض اعتماداً على حجم الفشل وقيمة المنجزات والنجاحات التي تنفذ على الارض، وكل ذلك يجرنا لتساؤلات عديدة هل يُعقل ان لا نسمع صدى او قرقعة لاوراق الناخب على غرار قرقعة اصوات بنادق التحرير في وقت تتعالى اصوات نشاز صوّتت لمن رحّب بدخول داعش ؟؟ اعتقد اننا نحتاج فعلياً لمراجعة حقيقة للشركاء !!
من باب اخر لا بد من الوقوف كلياً على جميع الظروف التي تؤثر على اؤلئك الجمهور وان عدم ضبط ايقاع وعزف بعض الشخصيات الذين يحشروا بأنفسهم على التحدث بأسم الحشد واستمرار ظهورهم الاعلامي وتقافزهم على بعض الفضائيات دون تخطيط مسبق من مرجعية سياسية مركزية تنظم عمل وسير التصريحات والظهور الاعلامي يعد اساءة لهذه المؤسسة ولتلك التضحيات التي لازلنا نستذكرها بألم في كل لحظة، لذلك فأن صيرورة موضوع المراجعة اصبح وجودها ضرورة حتمية لغرض اعادة برمجة قواعد اللعبة السياسية بشكلها الصحيح بعيداً عن اوساط الصخب الاعلامي والتفاهات الموجهة سياسياً من قبل الغطرسة الامريكية.!
ليس من السهل رفع شريحة الوهم التي عشعشت بعقول بعض صناع القرارا لمعتمدة كلياً على ايمانهم المطلق بنظرية المؤامرة بل وعلى ارتفاع وانخفاض منسوب ضعف الثقة فيما بينهم لان نفاذ واستهلاك برامجهم المتكررة لم تعد تغري الكثير من الناس لان الفشل لديهم بدأت طلائعه تظهر فعليا بتجاعيد وجوه بعض الزعامات السياسية الغير قادرة على استخدام مساحيق التجميل والتي تحاول تبييض وجوهها مجددا بالتسلق على اكتاف البسطاء من السذج.
وبالتالي حذاري من المخطط المرسوم بإتقان على ان يكون اقتتال "شيعي-شيعي" مبرمج بدقة وعناية فائقة لضرب الحشد بالتيار الصدري الذي اصبح هدف امريكي اسرائيلي واضح ومعلن تسعى الى تحقيقه احدى الدول الخليجية عن طريق استخدام خلاف الانتخابات لشق عصى الشركاء والفرقاء السياسيين ولان تفويت الفرصة على المتربصين وتحكيم صوت العقل والحكمة باتت انجع السبل للخروج من المأزق في وقت تتصاعد فيه التخرصات والكثير من تساؤلات الشارع اين ذابت اصوات جمهور الحشد ؟
انتهى …
عمر الناصر / كاتب وباحث سياسي
https://telegram.me/buratha