حازم أحمد فضالة ||
يحاول الأميركي الهيمنة على نتائج الانتخابات العراقية المُبْكِرة التي يشوبها الشك بسبب آلية المفوضية بالإعلان والتعاطي معها، ويريد الأميركي الهيمنة على تشكيل الحكومة العراقية، لكن السؤال:
هل الأميركي يستطيع اللعب منفردًا ويرسم النتائج التي يريدها؟
سنبتعد في مقالنا عن الجانب المحلي، ونركز على الجانب الغربي والأميركي تحديدًا في مسألة الانتخابات، هكذا ندلي دلونا، والآخرون يدلون دلاءهم أكثر ربما في مسألة تزوير الانتخابات، لنحقق بذلك تغطية للملف.
الصِّحافة البريطانية هي الوجه الهندسي الدقيق ذات الجذور العميقة للسياسة الأميركية، دعونا نذهب لنرى ماذا قالت: (الفاينانشيال تايمز –Financial Times)
بقلم: قسم التحرير في الصحيفة، بتاريخ: 20- تشرين الأول -2021، بمقال تحت عنوان: (انتصار الصدر لن يخفف من معاناة العراق)
ذكرت الصحيفة في هذا المقال:
«التجربة الديمقراطية في العراق فشلت في تحقيق النجاح بعد ثمانية عشر عامًا من الغزو الذي قادته أميركا»
وأكملت الصحيفة: «في الانتخابات الأخيرة، فازت كتلة مقتدى الصدر (رجل الدين غير التقليدي) الذي قاد جيش المهدي لمقاومة الاحتلال الذي قادته أميركا، وكان أحد محاوِر العنف الطائفي الذي دفع العراق إلى شفا حرب أهلية… »
وقالت: «لكن طبيعة النظام السياسي المنقسم، القائم على المحاصصة العرقية والطائفية، تعني أنَّ الصدريين سيضطرون إلى التعاون مع المنافسين لتشكيل ائتلاف [يُعين الحكومة المقبلة]»
الأميركي عندما نظر إلى الاعتصامات الرافضة لنتائج الانتخابات، وأعاد الحسابات بعد قياسها على ردود الأفعال الشعبية الجماهيرية والحزبية، ربما اكتشف عدم إمكان تشكيل حكومة على وفق مقاساته بهذه النتائج، وكانت أهم عوامل كبح العجلة الأميركية في معركة فرض الإرادات على الانتخابات هي:
١- وجود المرجعية الدينية في النجف الأشرف الذي يقف مع (الإطار التنسيقي) المؤهل القادر على تمثيل وتفعيل المادة الدستورية (76-أولًا) بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددًا، أي: وقوف المرجعية الدينية مع الدستور.
٢- الاعتصامات الجماهيرية، التي أظهرت أسمى مظاهر الانضباط والسِّلم، هذه الاعتصامات التي ربما نظيرها في العالم قليل، اعتصامات ذات مطالب واضحة ومحددة وممكنة وقانونية، ولها (لجنة تنظيمية)، وشملت أطياف الشعب العراقي كلها.
٣- الاتفاق في الرؤى والأهداف في نسبة عالية بين (الإطار التنسيقي) (وتنسيقية المقاومة الإسلامية في العراق)؛ ومنها إسناد المعتصمين، ودعوة المفوضية إلى النظر الفعلي في الطعون المقدمة وإيجاد حل قانوني يعيد الحق لأهله.
٤- الضربة العسكرية التي تلقّاها الأميركي المحتل على قاعدته العسكرية في التَّنَف السوري؛ إذ قُصِفَت قاعدته العسكرية الإرهابية بخمس مُسيَّرات، استهدفت موقع الجنود الإرهابيين لجيش الاحتلال الأميركي، وعلى وفق معلومات سابقة فإنَّ هذه الضربة نفذتها غرفة عمليات حلفاء سورية.
٥- الصاروخ أرض - جو، نوع (كروز 358) الذي عُثِرَ عليه في منطقة طوزخورماتو - العراق بتاريخ: 21-تشرين الأول-2021، وهو موجَّه ضد هدف أميركي على وفق ما أشارت المعلومات.
إنَّ دخول الرافعة العسكرية لرفع مكاسب الملف السياسي يُمثِّل عامل نجاح في الملف السياسي ضد الأميركي، والتجارب في هذا المجال مع الأميركي طويلة.
إنَّ محور المقاومة كلما تمكن من تفعيل الضغط الناجح في هذه الثنائية: (العسكري - السياسي)، ونجح في تحقيق النصر العسكري في موقع وملف على أي مستوى: حدود برية، خط بحري، قاعدة عسكرية، مركز تجسس… فإنَّه سيحصد المكاسب السياسية حصدًا أسرع وأكثر ثمرًا، وهنا يظهر الاستثمار المناسب لثنائية (المسَيَّرات وكروز 358) لتحقيق التوازن في ثنائية (العسكري - السياسي)، وارتدادها إيجابًا على ملف الانتخابات وتشكيل الحكومة العراقية.
والخلاصة الآن أنَّ الأميركي يواجه خيار إرخاء قبضته على نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة العراقية؛ نظرًا للعوامل المذكورة في أعلاه.