قاسم ال ماضي ||
هذا الشَهرُ شَهرُ الحُسينِ يَفوحُ مِنهُ عَبَقُ الشَهادة، عَلامةُ التَضحيةَ، إِشّارةُ الخُلود، تأريخُ خِذلانَ الأُمةَ.
وإذا أَردنا أَنْ نُجامِلَ نَقولُ نَومُ الأُمة وإني حِينَ أُشْرِعُ في خَطِ تِلكَ الحُروف أَراني لا أجرُأ إلا أن أفْتَتِحها بالحسينِ السلام عليك ياابا عبد الله.
وعلى ذِكرِ الحُسين (علية الصلاة والسلام) فَلَقد لَمَعَ في ذاكرتي قِصةٍ بَسيطةِ الصُورِ عَميقةَ المعنى.
في إحدى زياراتي لِأبي ألاحرار ألإمامُ الحُسين وَقَد وَقَفتُ قُربَ سورَ ألتفتيش أنْتَظِرُ أحَدُ ألأصدقاء ألذي رافَقَني في ألزيارةِ وتأخرَ في ألمسيرِ. وأثناء إنتظاري جاءَتْ إمرأةٌ كبيرةٌ في السنِ ضَعِيفَةُ البُنَّية. لا أعرفُ مَكنونَ ما تنوي فِعلُهُ إتَجَهتْ الى حاويَةِ ألنُفاياتِ وقَبَلتها بل مَسَحتْ خَدها، فَصاحَ بِها مُوظفُ التَفتيشَ:- (حاجة) إنها حاويةُ نُفايات. فَرَفَعتْ بَصرها وقالت دونَ تَردد وكأنهُ الكلامُ كان مُهيئٌ في فَمِها ويَنتَظِر الإنطلاقَ قالت وبِلَهجةٍ جَنوبيةٍ :- (هاي حاوية الحسين ومو حاوية أبوي لو ابوك)
لقد أبْهَرَتني تِلكَ الكَلماتُ، إنها العقيدةُ َتَتَجلَّى، إنها الفطرةُ في انقى صُوَرِها عَجِيبٌ!!! لَمْ تَلتَفتْ تِلكَ المرأةُ إلى مُحتوى ذلك الصندوق الحديدي ولا ما يُوجد في داخلهِ بل إلتَفَتت الى ذلك الرَمزُ ألذي أسمهُ الحُسين.
تَعَلَقتْ بأيِِ شئٍ قَد يُلَبي عَطَشِها إنها إبنَةُ (طَوعَه) التي حَمتْ تِلكَ الدُرةُ وإحتوتها لِعدةِ ساعاتٍ فقط لكن خُلِدَتْ بِخلودِ الحُسين ومَلحَمتهِ.
وما طوعةُ لولا تِلكَ السّويعات التي إستَضافتْ فيها درةُ أهلَ البيت سَفيرُ ثورة عاشوراء.
إنها مِثلُ أبي ذر الذي لاقى مِن حُكامِ الجورِ ألذين إغتَصَبوا أثَرَ النُبوةَ وحَكَموا بِشهَواتِهم وليس بِحُكمِ الله.
لَم تَهتَزَ عقيدةَ أبا ذر في ألإسلامِ ولا في مُعتَقَدهِ.
قُلتُ في نَفسي عَجباََ لِجَهلِنا إننا نُحَّمّلُ العقيدةَ أَخطاءَ النَاسَ من حُكّامٍ وسَاسَةٍ حتى تَنَكَرَ بَعضَنا لِدينهِ ونَهجهِ بِفعلِ أخطاءَ أُناسٍ أخّطَئوا، أو ساسةٍ أَساؤوا التَصرفَ فأهتزت عَقيدةُ البَعضَ فَصارَ يَشتِمُ بَل يَتَبَجحُ ويقولُ ماذا فَعلَ لنا الإسلامُ وما فعلتْ لنا ألمَرجعيةُ والحَشدُ بل تَنَكرَ البَعض لِدِماءَ الشُهداءِ واهِتَزتْ عَقيدتِهم أو نَفَخَ شَيطانُ الإنس في سَمعِهِ وبَصَرهِ بل حتى في روحهِ وأرخى السَمْعَ لِوَسوَسة الإعلامَ المُغرِضَ اذا لَم نُقَيمَ مَجَالِسَ الحُسينِ هو شَهيدُ الدينَ والعقيدةَ ولم نَستَنكِرَ جَهلَ الأُمةَ بالحسينِ حِينَ تَرَكَوهُ بَينَ ذِئابِ آلَ أُميةَ و لِمَ نَقولُ ياليتَنا كُنا مَعَكُم أليسَتْ المَرجعيةُ هي التي حَفَظَتْ للناسِ دينَهُم ودنياهُم وهي التي شَبَهتْ الحَشدَ بِأصحابِ الحُسين في أكثرَ من مُناسبةٍ وكَلمةٍ إننا إن لم نَقِفَ اليومَ معَ الحَشدِ بِكُلِ مؤسَساتِهِ ولا نُبالي بما يَصدرُ من من زيدٍ أو عمر من أخطاءٍ أو سُوءَ تَصرف كما فَعَلتْ تِلكَ المرأُة التي قَبَلتْ حاوية النُفايات أو مِثلَ أبي ذر وما لاقاهُ يَكونُ قَولُنا ياليتَنّا كُنا مَعَكُم كَمَنْ يُنّعَتُ الاعمى بالبَصيرِ والَلبيب بالاشارةِ يَفهَمُ