الشيخ الدكتور عبدالرضا البهادلي ||
▪️اكثر عبارات اقرأها ضد الجمهورية الاسلامية ويرددها البعض من المجتمع العراقي بدون ادني تفكر وتدبر ومراجعة حتى اصبحت وكأنها من المسلمات والبديهيات هي .....
1- ايران تبحث عن مصالحها.
2- ايران دمرت العراق .
▪️ومن اجل ان نبين الحقيقة بشكل واضح امام الله تعالى والتاريخ ، علينا ان نستعرض الظروف والاحوال التي مرت بالعراق منذ تولي البعث الصدامي والى اليوم ، فما لم نستعرض هذا التاريخ لا يمكن ان نرى الحقيقة الواضحة . ومن خلال ذلك سوف نعرف من الذي دمر العراق وله مصالح فيه ، فهل ايران من دمرت العراق ام ان هناك دول اخرى دمرت العراق ،ولكن الجهل والاعلام هو من عكس ذلك . ولذلك نستعرض الموضوع ضمن عدة نقاط .
▪️اولا: من دمر العراق ؟.
الذين دمروا العراق وجعلوه بلدا متخلفا ومن اسوأ البلدان على جميع الاصعدة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية رغم موارده وثرواته الهائلة والكثيرة وطاقاته البشرية وموقعه الجغرافي هم كما يلي .
🔹1- حماقة صدام وحزبه الفاشستي :
(أ) مؤسس هذا الحزب المسيحي (ميشيل عفلق) الذي تربى على يد المستشرق الفرنسي (ماسينيون) وهو المشرف الروحي للكنائس المسيحية البروتستانية الفرنسيه لما وراء البحار و مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية ، وكانت الغاية من تأسيس هذا الحزب القضاء على الفكر الاسلامي من خلال ذوبان المجتمع الاسلامي في فكر البعث وجعله البديل عن القران الكريم وسنة النبي صلى الله عليه واله ، ولاجل ذلك اصبح المنهاج الثقافي في العراق يقرا اكثر مما يقرا القران .
(ب) ولد صدام وهو مملوء من العقد النفسية ، بسبب ولادته الغير شرعية ، وكذلك بسبب زواج امه من رجل اخر كان كارها له ، وهذا ما جعله يكون مجرما قاسيا ظالما فاسدا ، ولذلك عاش صدام منحرفا اخلاقيا لصا سارقا مع مجموعة من المنحرفين في بغداد الكرخ حتى انضمامه الى منظمة اجرامية الى حين وقوعه بيد المخابرات البريطانية والامريكية الذين تولوا تربيته واعداده للقيام بمهمة قيادة العراق .
🔹2- امريكا واكثر دول العالم :
(أ) دفع العراق نحو قتال ايران : امريكا والغرب بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني رضوان الله عليه ، ولان هذه الثورة تشكل اكبر الخطر على اهدافهم ومصالحهم في المنطقة واستعبادهم الشعوب، ومن اجل القضاء عليها ، اوعزوا الى صدام بالهجوم واقتحام المدن الايرانية ، وفعلا استجاب صدام لامريكا والغرب بالهجوم على ايران ، وكانت هذه الحرب من ابشع الحروب والتي استخدم فيها صدام كل انواع الاسلحة المحرمة ودمر فيها كل البنى التحتية لايران ، بالاضافة الى اقتحامه المدن الايرانية الحدودية، وساعده في ذلك اكثر دول العالم ، وانتهت الحرب بعد ثماني سنوات راح ضحيتها مئات الالاف من الطرفين بالاضافة الى الجرحى والمعوقين بالاضافة الى الخسائر المادية الجسيمة والتي تقدر باكثر من الف مليار ،وسميت هذه المعركة باسم قادسية صدام لعنه الله .
(ب) تدمير البنى التحتية بعد غزو الكويت : في سنة 1990 اقتحم صدام الكويت بمعركة سماها (ام المعارك ) وكان من ابرز الاسباب لهذا الاجتياح انتاج النفط ،والديون التي بذمة صدام نتيجة حربه على الجمهورية الاسلامية فهو قد طلب من دول الخليج اسقاط الديون لان الحرب التي قام بها صدام هو دفاع عن دول الخليج ولكنهم رفضوا ذلك.
وعندها قامت امريكا ومعها حلفائها بهجوم جوي بري لاخراج العراق من الكويت وقد بلغت خسائر العراق ، ما بين 70,000 إلى 100,000 قتيل و 30,000 أسير. بالإضافة إلى تدمير 4,000 دبابة و 3100 قطعة مدفعية و 1856 عربة لنقل القوات. كما تم تدمير حوالي 240 طائرة.
بالاضافة الى تدمير البنى التحتية لاقتصاد العراق ومنشآته الكهربائية والماء والصحة والصناعة والاتصالات . هذا بالاضافة الى الحصار الاقتصادي الذي استمر لمدة ثلاثة عشر عامًا عانى منه المجتمع العراقي وليس النظام الصدامي للاثار المدمرة على جميع الاصعدة الصحية والاجتماعية والعلمية وكذلك اضطر الاف من الاكاديميين والاطباء الى الهجرة فيما تعرض أكثر من 4,500 طفل شهريًا للوفاة نتيجة سوء التغذية والأمراض حسب تقديرات اليونسيف.
والى اليوم يدفع العراق خسائر غزوه الى الكويت وقد بلغ ما اعطاه 50 مليارا .
(ج) احتلال العراق عام 2003 : اشترك في احتلال العراق الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا وأستراليا وإسبانيا والدانمرك وإيطاليا . وبدأ الهجوم الجوي 19 مارس 2003 والبري 20 مارس 2003 ، واستمر أكثر من شهر بقليل، بما في ذلك 26 يوما من العمليات القتالية الكبرى وكان الهدف المعلن : ( نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق ووقف دعم صدام حسين للإرهاب وتحرير الشعب العراقي ) .
ولا زال العراق يقاد من قبل امريكا فهي المسيطرة والمهيمنة مع حلفائها وعملائها على العملية السياسية والاقتصادية بل تعدى ذلك الى تاثيرامريكا على الحياة الثقافية والفكرية وزرع الالحاد والمثلية وذلك بتأسيس منظمات خرقت البنية الفكرية للمجتمع .
🔹3- دول الخليج والدول العربية :
لعبت دول الخليج وبعض الدول العربية كمصر بقيادة حسني اللامبارك والاردن بقيادة الملك العميل اللا حسين ، واليمن بقيادة علي عبدالله صالح بسبب البعد الطائفي وكراهية ايران الاسلام ومواجهتها دورا كبيرا في تدمير العراق ودفع العراق لقتال الجمهورية الاسلامية. لكن الله تعالى كان لهم بالمرصاد فهذا الذي دعموه لقتال ايران الاسلام رجع يقاتلهم فجعل الله بئسهم بينهم .
🔹4- الارهاب الدولي في العرااق :
اسقاط النظام البعثي من قبل امريكا لم يكن من اجل سواد الشعب العراقي ومظلومية الشيعة بل كان لهذا السقوط اهداف استراتيجية ومن ذلك الحفاظ على امن اسرائيل وتقسيم العراق والانطلاق من العراق لتقسيم وتدمير سوريا وايران .
ولاجل ذلك فقد هيأت امريكا الاجواء والظروف من اجل ايجاد قاعدة لكل الارهابيين في العالم من اجل ايجاد الفوضى في العراق ،وهذا ما وقع وجرى طيلة خمسة عشر عاما ، ولذلك شاهدنا كيف ان ارهاب القاعدة تجاوز كل المحرمات وقتل عشرات الالاف من العراقيين في الشوارع والمدارس والجامعات والمساجد والحسينيات والمراقد المقدسة حتى تم تدمير قبور الائمة الاطهار في سامراء . وكانت الصفحة الاخيرة في اسقاط محافظات بكاملها وقد وصلوا على اطراف بغداد وكادت ( بغداد ) تسقط لولا الفتوى المباركة والحشد الشعبي وفصائل المقاومة وجهود ايران وقادة حزب الله في صد هجوم داعش وتحرير العراق منهم ونتيجة لذلك ذهب الاف من الشهداء والجرحى وتهدمت مدن كاملة جراء ذلك .
🔹5- سنة البعث وصدام :
بعد سقوط النظام البعث تحول البعث _ وعناصره من الامن والمخابرات والحرس الخاص وكل الاجهزة الامنية الاخرى _ للاستقطاب الطائفي والمذهبي واللجوء الى حواضنهم في الموصل وديالى والرمادي وصلاح الدين . ومنها انطلقوا في تثقيف هذه المدن على الثقافة السلفية والارهابية ورفض الشيعة وتكفيرهم وجواز قتلهم وقد استجاب لهم الكثير في هذه المدن . واصبحت هذه المدن منطلق في عملياتهم الارهابية وقتل الشيعة.
🔹6- الاكراد :
الاكراد ونتيجة ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد وقتل وتهجير وسجن وتعذيب من قبل البعث الصدامي اصبحوا لا يثقون بالسلطة في بغداد ومركزية الحكم . ولاجل ذلك فهم وضعوا خطة من اجل اضعاف بغداد وجعل الحكم في بغداد يحتاج الى كردستان بدل ان تكون كردستان تابعة ومحتاجة الى بغداد . ولذلك اليوم كردستان تصدر النفط بدون ان ترجع الى بغداد الى غير ذلك من الممارسات وكأنهم دولة مستقلة فهم دولة وزيادة ، بل وتستضيف اركان البعث وكان منهم النافق عزة الدوري ، وكذلك تستضيف المنظمات الغربية والامريكية والاسرائيلية وكل الاعلاميين الذين يعملون ضد الشيعة .
▪️ثانيا : هل ايران فعلا دمرت العراق
بعد ما استعرضنا من اسهم في تدمير العراق وهم بالاساس البعث الصدامي وامريكا ودول الخليج والدول الغربية والاكراد والحواضن السنية . نرجع الى السؤال الاصلي .
في الحقيقة ان صدام وحزب البعث هو من دمر ايران واحتل اراضيها ومدنها في بداية 1980 ، وفي الوقت الذي حاصر العراق العالم كله فتحت ايران حدودها من اجل تخفيف الحصار عن الشعب العراقي ، ولم نشاهد يوما ارهابيا من ايران فجر نفسه في مدن ومحافظات العراق، بل ما شاهدناه ان عشرات القادة ومئات الشهداء من ايران سقطوا في ارض العراق للحفاظ على العراق، وما شاهدناه هو ان ايران دعمت المقاومة العراقية وزودت العراق بمختلف الاسلحة في مواجهة داعش في الوقت الذي رفضت امريكا تزويد العراق بالاسلحة .
▪️ثالثا : هل لايران مصلحة في العراق :
في الحقيقة مصلحة ايران في العراق هو الحفاظ على العراق من التقسيم بشكل عام لان ذلك سوف يضرها ، والحفاظ على المراقد المقدسة والشيعة بشكل خاص وهذا ما اشارت اليه جريدة الواشطن بوست قبل عدة اعوام من ايران تسعى للحافظ على الشيعة من تدخلها في العراق ، ولان العراق دولة وعاصمة الامام المهدي عليه السلام .ولاجل ذلك فهم يسعون الى الحفاظ على العراق بكل ما اوتوا من قوة .
وقد يقول بعضهم ان ايران تدعم السياسيين الشيعة وبعضهم فاسد : اقول ان ايران تدعم جميع القوى الوطنية والتحررية في العالم وفي العراق والمنطقة بشكل خاص ، وهي لا تراقب الاشخاص في بلدانهم ماذا يفعلون ؟ ثم موضوع الفساد حتى ايران مبتلاة به فهو عام البلوى .
وقد يقول بعضهم ان العراق يستورد من ايران : اقول ان العراق كما يستورد من ايران فالعراق يستورد من تركيا والاردن وسوريا ومصر والسعودية والصين وامريكا واوربا ، والاستيراد من هذه الدول اضعاف ما يستورد العراق من ايران .
▪️رابعا : من يطلق هذه العبارات ان ايران دمرت العراق .
امريكا والغرب واسرائيل وعملائهم ومنذ انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني رضوان الله عليه، ادركوا ان هذه الثورة سوف تشكل اكبر الخطر عليهم في المنطقة والعالم ، وسوف تشكل اكبر الخطر على وجود الاسرائيلي ، وقد صرحوا بذلك .
ولأجل ذلك استخدمت هذه الدول المستكبرة كل الاوراق والصفحات للقضاء على هذه الثورة المباركة ، ومنها الحرب الناعمة والاعلام وغسل الادمغة وتوجيه الراي العام ضد هذه الثوة وتشويه صورتها تارة بانها فارسية قومية وتارة صفوية شيعية طائفية وهكذا .
وساهم في هذا التشويه الدول العربية والبعث الصدامي بشكل رسخ هذه الفكرة في الكثير من ابناء المجتمع العراقي الشيعي ، فاصبح بعض شيعة العراق الصورة مقلوبة عنده ، فبدل ان تكون امريكا واسرائيل ودول الخليج والسعودية التي ارسلت الاف الانتحاريين هم الاعداء، اصبح ينظر لايران هي العدو.
▪️خامسا : فرقة الشيعة وتنافسهم على الدنيا :
قد يقول بعضهم انك لم تتحدث عن الاحزاب الشيعية في العراق ودورها في الفساد .
اقول : لم تكن الاحزاب الشيعية المعارضة في نيتها الفساد وتدمير العراق بل كان من ابجدياتها هو بناء العراق على كل الاصعدة بعد سقوط البعث الصدامي ، لانهم ذاقوا الظلم والتعذيب والقهر ولاستعباد والتهجير والإهمال ، وقدموا القوافل وعشرات الالاف من الشهداء والسجناء ومن خيرة ابناء هذا الشعب من اجل الحرية والخلاص من البعث الصدامي وفي مقدمتهم الشهيد محمد باقر الصدر والكثير من العلماء.
وللامانة التاريخية كان افضل شخصيات معارضة لنظام البعث الصدامي هو الشهيد السيد الحكيم والمفكر الاسلامي عز الدين سليم لانهما كانا يحملان مشروعا اسلاميا وقد ادرك الامريكان خطورة هذين القائدين فسارعا لاغتيالهما.
وبعد غياب الساحة من هذين القائدين اصبحت الساحة الشيعية اكثر تمزقا وتناحرا على المناصب والمواقع والحصول على المسؤوليات ، ومع الاسف لم تكن الساحة الشيعية العراقية مولدة للمفكرين والقيادات الربانية التي تعوض هذين القائدين ، بالاضافة الى دخول الكثير من الفاسدين لهذه الاحزاب العريقة والذين صار همهم الفساد والسرقات والمصالح الشخصية على المصلحة العامة ومصلحة الدين والمذهب ، وهذه الاحزاب اولدت الكثير من الشخصيات الذين اسسوا احزابا متولدة من الاحزاب الاصلية على حساب المال العام حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم .
▪️والنتيجة ان الاحزاب السياسية الشيعية لم يكن لها مشروع واضح لبناء المجتمع من آثار تسلط البعث لمدة اربعين عاما والذي دمر المجتمع العراقي على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والنفسية والثقافية والفكرية والعلمية. وكذلك لم يكن لهم مشروع لمواجهة المشروع الامريكي الذي جاء من اجل تحقيق الاهداف الاستراتيجية له في العراق ، وكذلك لم يكن لهم مشروع لمواجهة المشاريع الأخرى التدميرية والتي ترعاها دول الخليج . هذا اذا ما قلنا ان بعضهم قد انخرط في هذه المشاريع .؟.
وفي الاخير : اقول بعد هذا الاستعراض قد يأتي احدهم بعد بيان الحقيقة ويقول ان ايران هي من دمرت العراق ؟.