المقالات

العلمانية المريبة حصان طروادة للمثلية


 

حامد البياتي ||

 

مع باكورة الثورة الصناعية التي حدثت في بداية القرن الثامن عشر، ولد مفهوم التسويق، والذي اخذ يبحث عن اليات وتقنيات متطورة مع الوقت، لعرض وتوزيع وتسويق المنتجات والسلع والخدمات، واقناع المستهلك بان حظا عظيما يفوته ان لم يبادر الى الشراء او الاقتناء، فعلى سبيل المثال، ان شركة كوكا كولا، وضعت في عام ٢٠١٦ خمسة مليارات من الدولار لتسويق منتجها الاقيوني عبر القنوات الاعلامية التقليدية والانترنتية والسوشيال ميديا من خلال اكثر من الف ومئتين فيلم فديو، فحققت ارباحا من جراء ذلك ما يقارب من خمسة وسبعين مليار دولار وفقا لتصنيف انتربراند الاشهر عالميا، لانها تمكنت من حفر وبواسطة هذا الشلال الاعلاني الهادر في الدماغ وفي العقل الباطني، صورة هذه الزجاجة الساحرة، التي يقول عنها مصنعيها، اننا نريد ان يعرفها كل شخص بمجرد ان  يتلمسها حتى ولو كان في الظلام، وسعت الشركة، المملوكة من الاف المساهمين والمستثمرين ( وشطرا منهم من اليهود ) ان تجعلها مرئية للناس في الغدو والاصال وفي كل موطن ومكان، وهكذا خدعوا الكوكب ( ماخلا دولتين فقط هما كوبا وكوريا الشمالية، لان الصين شربت هذا المنتج بعد الاتفاق معها في عام ١٩٧٩ ) واوقعوه في حبالها وجعلوه يحملها بيده وهو يهتف ان الحياة معها اجمل وانها ذوق اللحظة و ترياق الفرح، بينما هي محض مضار للجسم بمركباتها الكيمياوية وسكرياتها السامة، ويمكن استبدالها بالماء او بالعصائر الطازجة، ولكن وللاسف فان مدمنيها في تعاظم ونأمل ان تنفع معهم النصائح، للاقلاع عنها، لصيانة عظامهم من الوهن والهشاشة وصحتهم العامة من الانتكاسة٠

لقد تغولت ثروات هذه الشركة وباتت تعادل ميزانيات دول وبلدان، وتجاوز عدد العاملين فيها اكثر من ربع مليون نسمة  ومن كل الاختصاصات، وقد تنوعت في انتاجها لتشمل اكثر من ٣٨٠٠ علامة تجارية، حتى اخذت تعلن ودون اي خجل عن تبرعاتها المتواصلة للكيان الاسرائيلي عامة والى المنظمات اليمينية المتطرفة القريبة من نتن ياهو خاصة، وقد مولت سابقا، البرنامج التدريبي للمهاجرين الى اسرائيل، وكان موضوع التدريب كيفية انتزاع الاراضي الفلسطينية واقصاء سكانها الاصليين ٠

والتسويق اليوم لايحتكره المنتج وسلعه، وانما دخل عالم السياسة والسياحة والاجتماع والمؤامرات، وعالم الجريمة الاخلاقية المنظمة، لتزينها وتجميلها، واعطائها حقوقا شرعية وانسانية،اذ وفر لها الاجواء للتظاهر ومسيرات الشوارع وشبكات التواصل الاجتماعي، ولا ادل على ذلك مانراه من دعم ونشر ومباركة للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي والعابرين جنسيا والمتحولين جنسيا ومتحررين الجنس ومغايرين الهوية الجنسانية ( الهوية الجندرية ) والذي يطلق عليهم اختصارا، بمجتمع الميم ( LGBTQ ) ، وقد تنادت المئات بل الالاف من المنظمات والمؤسسات والشركات في الغرب وامريكا واسرائيل لنصرة واحتضان هذه العناصر وفتح ابواب اللجوء امامها بحجة انها تعيش في بلدانها اجواء العزلة والضغط والقهر، ونذكر منها، منظمة كوير بيس في فيينا، و Belong to في ايرلندا، ولست وحدك التي ترعاها هيومن رايتس ووتش، وجمعية ريفيرج الفرنسية، وشركة One التي تدار من قبل المليونير المتحول جنسيا ريد اريكسون، وغيرها الكثير، والتي نهضت في تسويق واحتجاج عالمي لمكافحة الرهاب الواقع على مجتمع الميم٠

لقد استطاعت هذه المنظمات التاثير حتى على الفاتيكان التي كانت متشددة ضدهم، اذ تمكنت وفي عهد بابا الكاثوليك الحالي بنيدكت السادس عشر من عقد زواج مثلي كنائسي له ما للزواج العادي من قدسية ورباط، كما اجاز لمثلي الرجال او النساء ان يتبنوا الاطفال ان رغبوا في ذلك٠

والامر لن يتوقف الى هذا المستوى، وانما ازداد خطورة، اذ دعت، منظمة تحرك الامريكية، اخيرا والتي تاسست سنة ١٩٩٤ الى عقد اجتماع موسوع شارك فيه اكثر من ١٣٢ دولة وكلها علمانية بامتياز، وبعنوان، اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحول الجنسي وازدواجية الميل، وقد حظي هذا المؤتمر بتشجيع علماني عالمي وبتسويق دولي، بينما تذبح شعوب باكملها دون ان يرف لهذه المنظمات جفن او تنخلع لها نفس او ينجرح لها ضمير٠

تلكم حقيقة العلمانية التي نفرش لها السجادة الحمراء وننثر من حولها الازاهير والريحان، وهي تسوق، علم مجتمع الميم، الذي اخذ يرفرف في ادنى الارض واقصاها، حتى اصبح يرفع في السفارات والقنصليات والحشودات الدبلوماسية، ومما يندى الجبين له، ان هذا العلم حصل على موقع له تحت الشمس العراقية وكان للقنصل الامريكي، في مدينة البصرة الغارقة في احتياجاتها وازماتها رغم ثرائها الفلكي، دورا جريئا ومستفزا ومستهترا في هذا الامر٠

ينبغي على الجميع، رؤساء ومرؤسين وجهات سياسية وقضائية ومحافل علمية واكاديمية وصحف وحوزات علمية التصدى لهذه الشيطنة التي اخذت تتغول بشكل وقح في صفوف مجتمعنا البرئ والمؤمن والذي اعطى النفس والنفيس من اجل ان يبقى علم الاسلام عاليا كمآذن مساجده وقباب ضرائح أئمته ودواوين عشائره ورجالاته٠

قال تعالى في كتابه المجيد ( ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته )٠

صدق الله العلي العظيم٠

٢٥/٧/٢٠٢١

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك