عمر ناصر *||
قد يختلف صُناع القرار فكرياً وعقائدياً مع بعض البعض ولكن تجمعهم السياسة في اخر المطاف فأصدقاء الامس يصبحوا فيها أعداء والعكس فلا يوجد فيها صديق دائم ولا عدو دائم فيها لان المصالح المشتركة هي من تجمعهم وتفرقهم وتحدد نوع علائقهم واهدافهم المستقبلية في اخر المطاف وخير دليل على ذلك ما أفرزته ألانتخابات الاخيرة من وجوه لم يتوقع أن يكونوا يوماً ما سيكونوا متحابين متقاربين مع بعضهم البعض، فالسياسة فن لايتقنهُ سياسيي الصدفة ، فهي فن الممكن والغاية فيها تبرر الوسيلة ولايوجد فيها محاذير وكل شيئا فيها متاح اذا ما كان الغرض منه يحقق الاهداف المرجوة .
الفرق في مفردة السياسة بين الغرب والعرب قد يعتبرها البعض هي النقطة فوق العين فقط ، الا انها في حقيقة الامر ان يكون فيها الصنف الاول قد درس أبجدياتها وفهم محتواها بصورة علمية دقيقة من أجل الفهم الكامل لاهدافها وإستراتيجياتها من خلال التنافس الاخلاقي المشروع ، والثاني اخذها كميدان للمبارزة والتسقيط والنيل من الاخر من أجل الاستحواذ على السلطة وبسط نفوذه من خلال أولائك الحاشية المحيطة به والمساندة له.
يعتبر أستقلال القضاء والمساواة وحرية النشر والتعبير والتداول السلمي للسلطة هي من أبرز مقومات بناء دولة المؤسسات التي تسعى الدول المتحضرة لترسيخها ، وبالتالي هي ركن من اركان الديموقراطية فبدون قضاء نزيه تتحول الدولة لكيان هزيل يحكمها أفراد وعصابات ومافيات فساد لا اكثر تدفع بإتجاه فرض مبدأ اللادولة الذي يراد من خلاله تقويض سلطة القانون والهيمنة على كل مفاصل الدولة والحياة الاجتماعية، فهيكلية الدول تعتمد وتستند على الدساتير التي وضعت من أجل حماية حقوق الشعوب اما اليوم فقد اصبحت هنالك دكاكين انتخابية تشتري وتبيع وتعقد صفقات داخل بورصة العملية السياسية ....
فلا ضير من أن يكون اول أكبر ألاحزاب الحاكمة في السويد هو الخاسر في الانتخابات اذا ما اختلفت رؤيته وأهدافه عن التي تعهد بتحقيقها لجماهيره ولابأس بأن يتحول من كفة الادارة الى كفة المعارضة من أجل تصحيح مسار الحكومة التي جاءت بدلا منه اذا ماواجهت تلكوئات في احدى مفاصل الدولة لان الهدف الاسمى لهم هو خدمة الشعب لا المصالح الشخصية .
وما أستقالة رئيسة حزب السوسيال الديموقراطي الاشتراكي منى سالين Mona Salin بسبب فضيحة تعبئتها لخزان سيارتها بمبلغ ١٥٠ كرون اي مايعادل ١٣ دولار ومن بطاقة الحساب البنكي الخاص بالحكومة الا دليل صارخ على ان دولة المؤسسات لها الكلمة الفصل حيث أعتبر الشعب واعضاء الحزب هذا التصرف بأنه غير مسؤول واعتداء سافر على المال العام وتصرف ولا يمكن التهاون به.
لم يستخدم حزب المحافظين هذه الفضيحة للتسقيط السياسي من أجل اكتساح حزب الاشتراكي الديموقراطي وكسب وتحويل اصوات ناخبين جدد من داخل الحزب اعلاء ، ولم يبادر بنشر صور منى سالين على الواتس أب او بقية المواقع من اجل تسقيطها كما يفعل بعض السياسيين لدينا او يشوه سمعتها بطريقة مهينة ، بل بأمكاننا القول لايوجد لديه جيوش الكترونية تستغل عواطف الناس لتبث سموم فكرية لكسب اكبر عدد ممكن من المؤيدين قبيل الانتخابات البرلمانية .
كنت أتوقع بأن ألأخوة السياسيين سيكونوا حرفيين بنقل التجربة السويدية وليست تجربة عادل أمام الدنماركية !!! لكننا ببساطة لم نصل بعد لمرحلة النضوج السياسي الموجود لدى تلك الدول رغم قدوم الكثير من السياسيين منها واطلاعهم على شكل ونقاء الديموقراطية الحقيقية وعدم نقلهم لاي تجربة متحضرة الى العراق !
خارج النص / هل سيثبتوا سياسيينا في ألايام القادمة أنهم منى سالين العراق ويتوقفوا عن نشر غسيلهم امام الملئ ام ان الشعب سيكون له كلمة الفصل ؟
*عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha