د.محمد العبادي ||
اُؤمن ايماناً راسخاً بنظرية المؤامرة ، وصناعة الفوضى في المنطقة من أجل تفتيتها وتقاسم غنائمها بين الفاعلين الرئيسيين .
لم يأت إيماني بنظرية المؤامرة من سابقة ذهنية بل جاء نتيجة اعترافات لكثير من المسؤولين السياسيين والأمنيين الغربيين ، وإذا ما أراد أحد الاطلاع على حقيقة تلك المؤامرة فليراجع تصريحات الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون والرئيس السابق ترامب والذي كشف ولازال يكشف ما جرى ويجري خلف الكواليس في صناعة ودعم التيارات الراديكالية والمتطرفة في بلدان منطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا ، وبلدان آسيا الوسطى وشمال أفريقيا .
كما ان إيماني بنظرية الموامرة رسخته بعض المؤلفات والمقولات التي اعترف بها منظروا العالم الغربي .
لقد اعترف كتابهم ومنظريهم برؤيتهم ونظرتهم العدائية الشاذة ، وكتب كيسنجر ( رقعة الشطرنج الكبرى ) ،وكتب رالف بيترز(حدود الدم )، وكتب جون بيركنز كتابه(إعترافات قاتل اقتصادي) ، وكتب نعوم تشومسكي ( الأسلحة الصامتة للحروب الهادئة) وغيرها من المؤلفات التي تكشف طبيعة التآمر والإستهداف الذي يجري في دول العالم عموماً وفي الدول العربية والإسلامية بشكل خاص ، وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل أخص .
ليس صدفة ان تنطلق التظاهرات في توقيت واحد في كل من لبنان والعراق ، وليس صدفة ان تنطلق عصابات التكفير في المنطقة وخاصة في سورية والعراق ، وليس صدفة أن تتوالى الحرائق في إيران وتصل حتى إلى المعابر الحدودية مع افغانستان كما هو في معبر ( اسلام قلعه) ، حيث احترقت عشرات الصهاريج المحملة بالوقود .
ليس صدفة ان ينتقل مستصغر الشرر في مرفأ بيروت ويتطور ليحصل بعد ذلك الانفجار الكبير الذي أدى إلى مقتل (٢٠٧) أشخاص، وجرح أكثر من (٦٠٠٠) آخرين وتقديم الحكومة استقالتها على اثر ذلك .
ليس صدفة ان تشتعل النيران في سورية في (٨٥) موقعاً في أنحاء سورية مثل محافظات حمص وطرطوس واللاذقية وغيرها، وتستهدف بشكل خاص بلدة القرداحة مسقط رأس الرئيس بشار الأسد والشركات المملوكة للدولة فيها .
لقد اندلع حريق في مستشفى ابن الخطيب ببغداد وقضى على المرضى بلفح ناره ، ثم تكرر الحادث بنفس البصمة والاصابع في مستشفى الحسين بالناصرية فهل تستطيع الصدفة العمياء ان ترسم لنا نفس اللوحة الدامية ومشهدها الدرامي ؟!
عذراً للقاريء الكريم لأن عقلي لايستوعب ان تحصل تلك الأحداث من دون فاعل متعمد .
نعم هذه الحرائق مقصودة ومفتعلة ، والعدو يتقن فن التحرك في مساحات الغفلة والتقصير والإهمال.
لقد استهدف العدو مواضع الأمل والحياة في العراق فاستهدف سابقاً قطاع الصناعة فأصابه في الصميم وأصبح شبه معدوم ،ونعيش في أكثر احتياجتنا على ماينتجه الآخرين ، واستهدف التعليم وأرسل الجهلة والاراذل ليغلقوا على الناس باب التعلم ولولا العقلاء لبقي الجهل متربعاً الى يومنا هذا،وها هو اليوم يستهدف نظام الصحة والسلامة ، وأصبحت وزارة الصحة مثخنة بجراح الاشاعات والحوادث المفتعلة.
مؤسف جداً ان العدو نجح في إشعال الحرائق، ثم نجح رديفه وهو الإعلام في تقديم صورة تحريضية تثير غريزة الناس ، لقد كانت عدسة الكاميرا تنقل مقاطع الفيديو بصورة تتوافق مع أهداف العدو ، لقد تركوا الكاميرا المجهولة تقدم مشاهد حية عن فرق وسيارات الاطفاء ، وهي متوقفة وعاجزة عن إطفاء الحريق مع تعليقات مريبة من الشخص أو الجهة التي تقوم بالتصوير ، ونقلوا صورة عن جثث الضحايا المتفحمة في إثارة واضحة للناس ؛ تماماً مثل ما حدث في مستشفى ابن الخطيب قبل حوالي (٧٠) يوماً.
من المؤسف أن الجهات المسؤولة لازالت تجتر نفس الأساليب السابقة في معالجة موضوع ( حريق مستشفى الحسين في الناصرية ) ؛ والأسلوب السابق هو عقد اجتماع للجهات المعنية والامنية ، وتشكيل لجنة للتحقيق في الحادث، وتحديد الجهة المسؤولة عن الحادث ، وإقالة أو استقالة مسؤول مع محاسبة صورية ودعائية لصغار الموظفين. ومن ثم إصدار التصريحات والتغريدات وبرقيات التعزية لأسر الضحايا وبعد أسبوع يوضع هذا الموضوع والحادث على رفوف النسيان .
بتصوري المتواضع أن مشكلة الحرائق ستبقى قائمة في عموم مستشفيات العراق ولن يكون هذا الحادث المؤلم هو الأخير مالم يتم تقوية الأساليب الأمنية ،وإجراء تقييم حقيقي لأنظمة السلامة والأمان في المستشفيات بل في عموم دوائر ومؤسسات الدولة .
اظن ان الجهات المسؤولة بحاجة إلى كم غير عادي من المبادرة والابتكار في معالجة موضوع الحرائق وأن يعملوا على تطوير وتجديد أنظمة الرقابة والوقاية والسلامة .
ان هذه المشكلة تحتاج إلى تضامن ومشاركة الجميع (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) فكما تحتاج وزارة الصحة إلى تطوير نظام السلامة والوقاية تحتاج أيضاً الى تشبيك العلاقة مع الإعلام والتعليم من أجل إشاعة وتعميم ثقافة السلامة والأساليب الوقائية في المجتمع ، وأن تقوم الأجهزة الأمنية أيضاً بدورها في الحالات المشكوكة أو الحالات التي يمكن أن تتسبب في إيجاد الحوادث .