المقالات

بعد خراب البصرة..!


 

علي علي ||

 

  كثيرة هي الأخبار التي تكتظ بها الساحة العراقية على الأصعدة كافة، والتي تنقل أحداثا أكاد أجزم قاطعا أن جميعها غير سارة للمواطن البسيط، وغير مفرحة لمن يحب العراق، ويريد العيش فيه بسلام ووئام تامين. مقابل هذا هي بشائر سارة بل سارة جدا لمن يريد للعراق التأخر والنكوص، والبقاء في خانة الدول التي تفوز دوما بالمرتبة الأولى في الفساد والجريمة وانعدام حقوق الانسان، وأن يتصدر قائمة الدول التي تتفشى فيها مظاهر التخلف من فقر وجهل وأمية، ويبقى البلد الأعلى رقما بأعداد العقول المهاجرة، والأكثر تسجيلا بحالات الصراع بين القوميات والأديان والأطياف، ناهيك عن كونه السباق في حوادث سفك الدماء من خلال الجريمة المنظمة، وكذلك الأول في أعمال الإرهاب والتخريب، والدمار الذي يطال الأزقة والمحلات والأسواق وبيوت الله والمدراس، وكل مرفأ يؤوي المواطنين الأبرياء. وهذا كله أمر محسوب حسابه بشكل دقيق من قبل جهات من المؤسف أنها تتربع على عرش أعلى مناصب في البلد، وبيدها دفة القيادة بشكل أو بآخر.

  ويأتي في صدارة الكم الهائل من الأخبار -عادة- الوضع الأمني، الذي تتصدر أخباره وتقاريره الصفحات الأولى من الصحف اليومية بالمانشيت العريض والطويل، ولاتخلو فضائية من سبتايتلات متصلة تسرد العواجل من الكوارث التي تحدث في الشارع العراقي، بانفجار او اغتيال او خطف او اقتحام، والتي يتم تنفيذها بقدرة وكفاءة عاليتين، وبـ (أريحية) تدل على أن القائم بها ليس من المواطنين البسطاء الذين يلهثون وراء (خبزتهم)، فالأخيرون قياسا للمثل القائل: (تريد عنب لو چتل الناطور) لايبتغون من صباحات يومهم ومساءاتها أكثر من عشر معشار حقوقهم في هذا البلد، بعد يأسهم التام وقنوطهم المطبق من الحصول على كامل حقوقهم، فالأخيرة هذه ذهبت في أماكن ثلاث لارابع لها، إذ هي (لو بالهور لو بالزور لو عد الحرامية).

  ومن المؤكد أن وضع البلاد الأمني الداخلي له تداعيات، كما كانت له مسببات ومسببون، وعلى الجهات العليا في الأجهزة الأمنية دراستها ومناقشة حيثياتها، لبيان نقاط الخلل ومكامن الضعف وكشف الخروقات والاختراقات، والعمل بجد على وضع اليد على كل ما له علاقة بها. وقطعا هذا لن يأتي إلا من خلال المعلومة الاستخبارية الدقيقة، والتعاون التام بين أجهزة الدولة المعنية، والعمل على درء الاعتداء قبل حدوثه، لا بعد خراب (البصرة والموصل وديالى والأنبار وصلاح الدين وكركوك...).

  ولا أظن أحدا منا لم يسمع أو يقرأ أو يشاهد التقارير الأمنية التي تنشرها وسائل الاعلام عقب كل حادث إرهابي، وكيف تتشابه جميعها في حيثيات الاعتداءات وتفاصيل تنفيذها، ولا أظن أيضا أن الأمر يحتاج خبيرا عسكريا او مستشارا ضليعا بخفايا الجماعات المعادية وأسرار خططهم، لاسيما بعد تكرارها واجترارها حرفيا وتطبيقها كنسخة طبق الأصل من تطبيق سابق. فهي بكل بساطة بضع قذائف هاون، عدد من الأسلحة الخفيفة، قطعتان او ثلاثة  (BKC)، مفخخة او مفخختان، رجلان انتحاريان وإن لم يوجدا فرجل وامرأتان، وبهذا تكون أدوات عملية الاقتحام جاهزة، ومنفذوها على أهبة الاستعداد، وبامكانهم انتحال أية صفة عسكرية او أمنية، وبالملابس التي تمثل الزي العسكري او زي الشرطة، إذ أنها متوافرة (جملة- مفرد) كذلك الرتب والنجمات هي الأخرى (على قفا من يشيل) وبمتناول يد أي فرد يتجول في (باب الشرجي).

أما الخطة فهي أسهل من (شربة الماي) بعد أن ازداد المنفذون خبرة باتخاذهم الأعمال الإرهابية السابقة دروسا، وبالمقابل ازدادت القوات الأمنية ونقاط التفتيش والحراسة غفلة وتهاونا، وقلة استيعاب لتلك الدروس.

 وبعد التنفيذ تهرع سيارات الإسعاف والمطافئ الى موقع الحادث، فيما يتم غلق الشوارع والطرق المؤدية اليه، بانتظار القادم من الاقتحامات، والجديد من الخروقات، يقابلها اجترار رتيب بالمانشيتات وأشرطة السبتايتلات، والاستنكارات والإدانات وكيل الاتهامات، وسيل من تبادل التعازي والمواساة، وشهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك