المقالات

عن محنة المثقف العربي

1147 2021-06-07

 

د. حسين القاصد ||

 

لم تكن أزمة الثقافة ولا أزمة التـثاقف جديدتين على المجتمع العربي الذي مازال يئن تحت سياط النقص المسلطة عليه ، فبين مكفرٍ وحاسد ، يراد للمثقف أن يسكت ، وان يتم ترويضه.

 يقول العلامة الدكتور محمد حسين الأعرجي:  إن الأزمة ليست من بنات اليوم، وأنا أعني ما أقول، لأنـني رأيت التاريخ العربي الإسلاميّ يحدثـنا عن محنة ابن حنبل، وعن محاكمة ابن الشلمغاني، وابن أبي العزاقر، وابن أبي عون الكاتب، والحلاج، وسواهم من مئات المثـقـفيـن.

إذن، الأزمة ليست جديدة. ولكنْ يلفت النظر في هذه الأزمة العربية المُستحكِمة أنها أنجبت - رغم هذه المِحن - مثـقـفيـن كانوا كبارًا في أيامهم وظلوا كما هم كبارًا إلى يوم الناس هذا من مثل: الخليل بن أحمد، وابن الأعرابي، وأبي حاتم السجستاني، والكندي، والجاحظ، وأبي حيّان التوحيدي، والفارابي، والمتـنبّي، وابن سينا، وابن رشد، وسواهم من المئات. وقلتُ: إن الأمر يلفت النظر لأننا لم نسمع ولم نقرأ أن حَاسَبَ أحد المتـنبي يوم هجا الممالك العربية، والأعجمية جميعـًا دون استثناءٍ في قوله:

وإنما الناسُ بالملوك ولا       تـُفلِحُ عُربٌ ملوكها عجَمُ

ولم نسمع أن حَاكمَ أحد أبا نواس على مجونِه، أو على قوله:

فما أنا بالمشغوفِ ضربةَ لازبٍ     ولا كلُّ سلطانٍ عليَّ أميرُ

لم نسمع هذا، ولم نقرأه، ولو كان المتـنبي أو أبو نواس ق ٨الا قولهما هذا في أيّامنا لاتـُّهما - دون أدنى شك أو ريبٍ - بالخيانة العُظمى التي عقوبتها الإعدام.

كان المتـنبي ينشد جالسا في حضرة ممدوحه الذي لا يبقي له من القصيدة سوى شيئ قليل لا يرضي طفلا صغيرًا، وكان ينال استحقاقه كحر عظيم، فالشعراء كانوا في ذلك العصر موظفين يؤدون ما تريده السلطة - على حد رأي العلامة الأعرجي - وقد بدا هذا واضحا منذ حسان بن ثابت حتى بلغ حدا غير معقول في العصرين الأموي والعباسي ؛ واستمر في عصر الصراع الايدلوجي حيث القرن العشرين ؛ لكن بقي المثقف الرافض اعلى كعباً ، ورأينا حسين مردان ، وقرأنا قصائد رفض وقصائد رأي للجواهري وغيره ، ولم يتجرأ أحد على اسكات الأديب أو قمعه ، واعني بالاسكات هنا هو الاسكات النهائي ؛ فأغلب من لم يرق لهم الأمر ولم يتفقوا مع السلطة أحتضنتهم المنافي ، وظلوا يبدعون من بعيد ؛ والأمر ليس في العراق فقط ، بل هو في اغلب البلدان العربية لاسيما تلك البلدان التي اختلفت انظمتها السياسية فيما بينها ، ووصل الخلاف حد العداء ، فصرنا نرى كل بلد يحتضن المثقف المعارض لخصمه ، لكن لم يحدث التكميم والاسكات النهائي ، على الرغم من ان جميع السلطات تشعر بالنقص تجاه المثقف وتحاول تطويعه كي يتبعها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك