المقالات

مكاتب المفتشين تبحث عن تعيين !؟ ...


 

عمر ناصر * ||

 

ً لاتختلف مفاهيم ومبادئ الدولة المدنية عن الثوابت التي جاءت بها جميع الرسالات السماوية اذا ما تم تطبيقها بشكل يضمن عدم المساس بالقيمة العليا للأفراد والصفات العليا للبشرية فكل مايناغم المنطق هو مقبول وكل ما يرفضه العقل هو ممنوع وقد يكون الدين هو الرادع الرئيسي والجامع الاوحد لكافة المفاهيم التي تنضوي تحت لواء مفهوم الحرام والجميع يتفق ان من ضمن التصنيفات التي تنضوي تحت لواء هذا المفهوم هو الفساد .

 الفقه التجاري يعتمد مبدأ النجاح و اهمية حنكة الادارة في قياس النسبة المئوية للارباح المتحققة من الانجازات والجدوى الاقتصادية لاي مشروع ناجح يقاس بنسب تلك الارباح ودورها في تغطية تكاليف التشغيل للست اشهر الاولى من المشروع والقياس مع الفارق اما الفساد فهو موضوع شائك وحساس يتعلق بسيادة الدولة وامنها القومي واستقرارها .

لا يوجد جهاز رقابي في العالم يكون نقياً مئة بالمئة ولاتتخلله الشوائب او الاخطاء واذا ما اردنا المجيئ للواقع واخذنا مفصل من تلك المفاصل الرقابية لدينا ونمعن النظر فيه وندقق في حيثياته قد نجد بلاشك هنالك شبهات فساد لدى بعض موظفي ذلك الجهاز ومثال على ذلك موظفي مكاتب المفتشين العموميين او قد يكون لدى بعض المفتشين وهذا لايعني ان المنظومة الرقابية فاسدة بالكامل واذا كانت المجاملات السياسية تلعب دور في هدر الاموال و عمليات الابتزاز التي يقوم بها البعض من اعضاء السلطة التنفيذية او التشريعية فذلك لايعني ان الملاك البالغ عدده بحدود عشرة الاف موظف كلهم فاسدين.

لننظر بعين الانصاف ونقيم حجم الجهود التي تحققت في منع الهدر او استرجاع الاموال المسروقة مقارنة مع ما صرف على تشغيل مثل هكذا اجهزة كانت تعد عمود فقري لهيكل بناء الدولة وقوة ساندة لعمل السلطة القضائية ولنضرب مثالاً في نموذج واحد منهم على الاقل ولنقيم مثلاً المبالغ المستردة والممنوعة الصرف والموصى بأستردادها في وزارة الداخلية التي تبلغ  تقريباً ١١٩ ترليون دينار اي بما يعادل ١٠٠ مليار دولار بينما مجموع الميزانية التشغيلية لعمل مكتب المفتش العام هي ٨٠٠ مليار دينار اي ما يعادل ٦٥٠ مليون دولار  في وزارة الداخلية حسب ماتم تداوله من لسان السيد جمال الاسدي المفتش العام الاسبق في الوزارة ناهيك عن بقية وزارات ودوائر الدولة الاخرى .

المنصف اليوم من يرى الحقائق بعين وماتم تقديمه من انجازات في ردع الفساد بالعين الاخرى ولا يغض الطرف عن ادلة دامغة تنصف ماقدمت هذه الشريحة من تضحيات وتهديدات بالقتل والتصفية الجسدية نتيجة مهمتهم في كشف ملفات الفساد واحالة المقصرين الى النزاهة تمهيداً لتقديمهم الى القضاء لذلك ينبغي ان يكون هنالك اعادة نظر بقرار تفكيك تلك المكاتب او بالامكان زجهم واندماجهم داخل مؤسسات السلطة الرقابية او هيئة النزاهة لأكمال مشوارهم في مكافحة الفساد وبناء دولة المؤسسات . 

ان عملية القضاء على الفساد هو ضرب من ضروب المستحيلات حتى لو كان ذلك في اكثر الدول المتحضرة والمتقدمة لان الفساد اليوم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاجندات الخارجية وبالارادات السياسية الدولية وغسيل الاموال وله امتدادات عميقة بالمافيات الدولية خصوصاً ان اي محاولة للقضاء عليه او كبح جماحه في داخل اي جهاز رقابي هذا يعني اصطدام وتهديد لوجود المنتفعين من ديمومته وان حصل اخفاق او تقصير في تنفيذ المهام او تشخيص الاخطاء فهذا لايعني بالضرورة وجود تقصير شامل او فساد كلي في عمل هذه الاجهزة الحساسة مما يستدعي الاستغناء عنها وإلغائها بل ينبغي اولاً عدم القيام بأي تحرك استباقي ضد هذا المفصل قبل تظافر الجهود لمحاولة اصلاح الخلل الحاصل هناك قبل الاجهاز عليه وتدميره بالكامل. 

 

عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك