المقالات

ذِكرىٰ المَقابِرِ الجَماعيّةِ..جرحٌ يتجدّدُ وألمٌ يتوجعُ بِمَنْ كانَ بِهِ الجرحُ والألمُ

1393 2021-05-19

 

أ.د. عليّ حسن الدّلفيّ ||

 

المُقرّرُ رسميًّا في كلّ يوم (١٦/ ٥) من كلِّ عامٍ يحتفلُ أغلبُ العراقيّين؛ وهُمْ (الشّيعة) بذكرىٰ جرائمِ المقابرِ الجماعيّةِ التي خلّفها نظامُ الطّاغيّةِ صدّام المُجرمِ؛ وهو التّاريخُ الرّسميّ الذي تمَّ تحديدهُ من لدنِ الحكومةِ وصادقتْ عليهِ السّلطةُ التّشريعيّةُ. ولكنَّ اللّافتَ أنَّ هذهِ الذِّكرىٰ قَدْ غابتْ عَنِ المُجتمعِ في هذا العامِ. وتناساها السِّياسيّونَ وأحزابهم وفضائياتهم؛ لأنَّها لم تعدْ مادةً (دسمةً) لدعاياتهم وخطاباتهم؛ فشعاراتُ (الوطنيّة) المزيّفة اليوم هي من أهمّ أولوياتهم؛ إذْ لَمْ أقرأ بيانًا رسميًّا واحدًا صدرَ منهم أوْ مِنْ بعضهم وكأنَّ لا ذِكرىٰ تذكر!! وَهُنَا لا أريدُ اختلاقَ الأقاويلِ وابتداعَ التّعابيرِ؛ لأنسجَ قصصًا وأحيكَ خيوطها مِنْ أجلِ أنْ أسردَ بطولاتٍ (وهميّةً) زائفةً يعودُ زمنها إلىٰ (زمنِ صدّامٍ)! فلا أنا مِمّن حملَ السّلاحَ ووقفَ بوجهِ الطّاغيةِ ونظامهِ العفلقيّ الكافرِ؛ ولا أنا مِمّن كانَ مُنتميًا؛ سرًّا؛ لحزبِ الدّعوةِ؛ أوْ فيلقِ بدر؛ أوْ لجماعةِ الأسرىٰ التّوابينَ؛ أوْ أحدِ الرّجالِ الذينَ اتّخذوا من الهورِ والقصبِ ملجأً لهم؛ أوْ كنتُ أحدَ (الغوغائيّينَ) الأبطالِ الذينَ شاركوا في الانتفاضةِ الشّعبانيّةِ في الـ(١٩٩١م) ضدَّ الطّاغيةِ وزمرتهِ المُجرمةِ... . ولكنْ بكلِّ صدقٍ وأمانةٍ؛ كنتُ أجيدُ ثقافةَ الممانعةِ والرّفضِ وجدانيًّا؛ وامتنعُ عنِ الحضورِ إلىٰ المقارِّ الحزبيّةِ وأتذرّعُ بشتّىٰ الذّرائعِ؛ ولَمْ أرغبْ بصدّامٍ وأجهزته القمعيّة ساعةً واحدةً وهذا بالنسبةِ لي شرفٌ ما بعدهُ شرف. وبعدَ سقوطهِ بقيتُ استذكرُ ضحاياه وجرائمه يوميًّا؛ ولهذا أتساءلُ في ذِكرىٰ يومِ المقابرُ الجماعيّةُ السّنويّ أهي ذِكرىٰ منسيّةٌ أمْ وسيلةٌ لغايةٍ؟!!

يبدو أنَّ مَنْ نعتهم بعبارةِ: (كلّهم يكذبون إنَّهم يكذبون كاذبون)! كانَ صادقًا.... . فبعدَ أنْ كانَتْ  صور ضحايا المقابرِ والشّهداءِ مادّةً للانتهازيّينَ ووسيلةً للوصولِ إلىٰ السّلطةِ والحكمِ وتحقيقِ حلمهم تمَّ نسيانهم وحرق صورهم!! فَهؤلاء لَمْ يعيشوا مرارةَ فَقْدِ الآباءِ والأبناءِ وَلَمْ يعيشوا حالةَ الخوفِ والرُّعبِ التي كُنّا نعيشها؛ كما أنّهم لم يكونوا يعرفونَ ما كان يحدثُ في غرفِ الأمنِ العامِّ مِنْ أفعالٍ تقشعرُّ لها الأبدانُ!! وما كانوا يعرفونَ شيئًا عَنِ الغرفِ الحُمرِ في الحاكميّةِ؛ وما ذاقوا ابتكارات التّعذيبِ في غرفِ التّحقيقِ؛ وما رأوا كيفَ تهانُ كرامةِ الإنسانِ الحُرِّ!

فَهَلْ جِيءَ بأعراضهم إلىٰ دوائرِ الأمنِ المُتعدّدةِ؟!! واستمعوا إلىٰ معزوفاتِ المُحقّقين وتهديداتهم وهم يخاطبون الأخوات؟!!! وَهَلْ رأوا كيفَ تُوضعُ كرامة الحليمِ في ميزانِ الاغتصابِ والدّناءةِ؟!!

وَهَلْ نُقلوا ببطانيّةٍ وَهُمْ مدمّونَ لا يستطيعونَ الحراكَ؟! وَهَلْ.. وَهَلْ.. وَهَلْ.. وَهَلْ.. .

وَهَلْ يعلمونَ معنىٰ حضّر نفسكَ التي تعني نهايةَ حياتك!!

فالرّحمةُ الواسعةُ لشهداءِ المقابرِ الجماعيّةِ في ذِكراهُمْ؛ ولشهداءِ التّعذيبِ والمثارمِ والتيزابِ والمشانقِ والسّيانيدِ والنّمورِ والأسودِ والصّخرِ والحجرِ والأقفاصِ الحديديّةِ والإعداماتِ بالرّصاصِ والمشانقِ.. فلا ذِكرىٰ لَهُمْ ولا نِياح !!

ولا عزاءَ للسّياسيّينَ الانتهازيّينَ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك