المقالات

شرك الضغوط وفخ التأثيرات


 

علي علي ||

 

  بصرف النظر عن الوضع (الملخبط) الذي يمر به العراق منذ سقوط النظام البعثي حتى اللحظة، وبعيدا عن التهديدات التي تحيق البلد وتضعه وأهله على شفا حفرة، لايمكن تخمين عمق هوتها، ويصعب أيضا استقراء النتائج المترتبة على السقوط بها -لاسمح الله- يمر البلد اليوم بانعطافة مهمة وحساسة وخطيرة، من حيث التوجه لتغيير قادة مؤسساته التشريعية والتنفيذية في تشكيلة وزارية من المفترض أن تنهي سلبيات التشكيلات التي سبقتها، وقطعا هذا التحول لن يتم إلا باصطفاء الشخوص المؤهلين ليس لقيادة المؤسسات إداريا فحسب، بل مؤهلون لتفعيل التغيير جوهريا، وإحداث زوبعة تسفر عن تبدل ملحوظ بنتائج مغايرة لما سبق، وهم الذين يعول عليهم بالنهوض بمؤسسات الدولة بعد سباتها الذي امتد عقودا، حيث لم يتحقق خلال السنوات الثماني عشرة الماضية من عمر العراق الديمقراطي الفدرالي، انجاز يقوّم الاعوجاجات التي خلفها النظام السابق، بل تناسلت سلبيات وتولدت على إثرها سلوكيات شتى، على رأس قائمتها الفساد بأنواعه، حيث كان نهج النظام طيلة مدة حكمه يتعمد وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، لاسيما في التشكيلة الوزارية، للحصول على نتائج غير مناسبة تدفع بالمؤسسة الى الحضيض في الأداء وسير العمل.

  ومن سوء حظ العراقيين أن هذه الخصلة بقيت ملاصقة لأغلب مكاتب الوزراء في الحكومات المتعاقبة، وتكمن خطورة هذه المرحلة بكيفية انتقاء أعضاء المجلس التنفيذي، وبوحدات القياس التي سيتم على ضوئها قبول المرشح البديل من عدمه، إذ أن السهو والغفلة والخطأ والاشتباه في الترشيح -إن حصل- ستكون عاقبته وخيمة على البلاد والعباد، وستثار حينها استنتاجات عدة، وستكثر أصابع الاتهام لشخص رئيس الوزراء أيا كان، وساعتها ستطلق عليه نعوت قد لايكون أولها التواطؤ، وليس من ضمنها التهاون، كما أن آخرها لن يكون الخيانة.

 ولايخفى مافي الشارع العراقي من مخاوف وقلق شديدين تجاه عملية انتقاء الشخصيات لهذه المناصب، وما القلق هذا إلا لأن المرشحين البدلاء لن يكونوا بمعزل عن تأثير كتل لها بصمات سيئة ومواقف سابقة لم تخدم العملية السياسية، بل سخرت مرشحها لمتابعة سير أعمالها وإكمال ما يتعثر منها، باستغلال صلاحياته في مركزه الوزاري الجديد، وهي -الكتل- لم تضع المعايير الصائبة لترشيح (زيد) او انتقاء (عبيد) لكفاءته ومهنيته ونزاهته وولائه للعراق، بل شطّت كثيرا عن مثل هذه المقاييس، وابتعدت عنها مقابل معايير تخدم مصالحها الخاصة والحزبية والفئوية.

  ولو أخذنا بنظر الاعتبار المثل العراقي القائل: (المايسوگه مرضعه سوگ العصا ماينفعه) فإن اختيار المؤهلين لإحداث التغييرات المطلوبة في بنية المؤسسات التنفيذية، لايمكن أن يتم بالشكل السليم مادامت الكتل السياسية هي الـ (فلتر) الذي يُمرَّر من خلاله المرشحون، ومادام رأيها ووجهة نظرها وتقييمها للمرشح الجديد هي المعمول بها، والتجارب السابقة بينت (مرضع) بعض الكتل، حيث كانت خير دليل على انحيازها الى مايصب في خدمتها وخدمة أحزابها، بل إن بعضها تفانت في خدماتها لتقدمها الى جهات تقبع خارج الحدود، تكن الى العراق والعراقيين الشر والضغينة والعداء من سالف الزمان، لتمشية مخططاتها وأجنداتها المرسومة مسبقا.

 الحل إذن، يكمن في فرض القيود والضوابط الصارمة في الانتقاء والاصطفاء، ونبذ مبدأ (هذا من جماعتنا) و (ذاك من ربعنا) وعدم الانجرار وراء الخدع الزائفة، المتمثلة بالمظاهر البراقة التي يتحلى بها البديل، وترك الأغطية المرائية التي يتدرع بها بعضهم -ولاسيما الغطاء الديني- والنظر اليه من باب مصداقيته وتاريخه المهني. وهذا لن يتم إلا برفع المحاباة من قبل رئيس الوزراء، وعدم الوقوع في شرك الضغوط وفخ التأثيرات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك