د.محمد العبادي ||
كثيرأً ما نسمع بالتدخل الإيراني في شؤون العراق ،فهل هو حقيقة ؟ أم أنها كذبة يشرف على إشاعتها أعداء العراق وأدواتهم في المنطقة ؟
ان النفوذ الحقيقي لدولة على دولة ما ؛ يتحقق من خلال السيطرة على مايسمى بالوزارات السيادية مثل الخارجية والدفاع والداخلية ، وأيضاً على الوزارات الأخرى المهمة مثل وزارة المالية والإعلام .
لنتهجى حقيقة هذا التدخل الإيراني، ولنأتي إلى وزارة الخارجية والتي كانت ولا زالت حصراً في أغلب الأوقات بيد الإخوة الاكراد ، فهل تستطيع ايران ان تحكم سيطرتها أو تعمل تدخلاتها في خطاب وسلوك وقرارات هذه الوزارة وسفاراتها ، أو هل تستطيع التأثير على السيد فؤاد حسين، لاسيما ونحن نعرف توجهات وميول شخصيات هذه الوزارة وطبيعة تفكيرهم ؟!
ثم تعالوا معي إلى وزارة الدفاع والتي كانت قيادتها في أغلب الاوقات حصراً بيد إخوتنا من أهل السنة ، ناهيك عن التوزيع فيها حسب نسب المكونات ، مضافاً إلى وجود قادة وضباط ومراتب مهنيون فيها ، فهل إيران لها القدرة على توجيه هذه الوزارة لتدافع عن مصالح ايران ؟!
ومثل ذلك بالنسبة للداخلية والتي يرأس قيادتها حاليا أحد المهنيين ، وكوادرها الإدارية وقادتها وضباطها ومنتسبيها من مختلف أطياف الشعب العراقي ، فهل هذه الوزارة أصبحت ملكاً لإيران وتتحكم بتوجيه بوصلتها نحو منافعها؟!
ثم تعال معي إلى وزارة المالية والتي تضطلع بدور مهم وحساس في هذه المرحلة ، هل ان ايران فعلاً تتحكم بالوزير علاوي وتطلب منه أن يرفع سعر العملة الأجنبية وهي المتضررة من ذلك ؟!، وهل ان ايران تطلب من الدكتور علاوي ان يقترض من الخارج أو يستقطع من رواتب موظفي الدولة كل بحسبه؟!
ان ايران لا تستطيع أن تنقل دولاراً واحداً من العراق إلى بنوکها ، وأن كل ذلك يتم رصده من قبل وزارة الخزانة الأمريكية فكيف لها ان تسيطر على العراق وهي مكبلة مالياً إلى هذا الحد.؟!
وتعال معي إلى الإعلام وماادراك ما الإعلام؟!!! ان الإعلام اليوم قد تجاوز حدوده التقليدية في القنوات المرئية والمسموعة المحدودة أو في الصحف الورقية ،وأخذ الإعلام الإلكتروني بعناوينه المختلفة يتمدد على حساب الإعلام التقليدي . الإعلام الالكتروني اليوم والجيوش الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي هي أدوات فاعلة بشكل كبير وبيد الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا ، فكيف لإيران أن تعمل نفوذها على العراق وكل أو جل الوسائل الإعلامية بيد اعدائها ؟!
من المؤلم والمحزن ان نرى أن أمريكا لديها أكثر من (١٤) قاعدة عسكرية ، وقد طالب البرلمان العراقي بخروج القوات الأجنبية منذ أكثر من سنة ولاتزال تماطل وتستبيح سماء العراق، بل وتقتل ابنائه من دون أن يوجه إليها أولئك المتشدقون بالوطنية اصبع الإتهام بالتدخل في شؤون العراق !!!
من المؤلم ان كل هذا النشاط لسفارتها وقنصلياتها في تجنيد كثير من الشباب لمشاريعها بعناوين مختلفة على حساب استقرار العراق وعلاقاته مع جيرانه وكل ذلك لا يعد تدخلاً عند المطففين في موازينهم الأخلاقية والقانونية .
ان النفوذ الحقيقي في العراق هو النفوذ الأمريكي السلبي والذي ساعد على خلق الفوضى في العراق ، وليس النفوذ الإيراني الايجابي المقنن والمعلوم .
نعم توجد علاقات تجارية واجتماعية وثقافية وتاريخية وزيارات دينية وسياحية بين البلدين وهذه العلاقات مؤطرة بأطر قانونية وتحت نظر وسمع كلا البلدين الجارين ، وهو ما يثير حفيظة امريكا واسرائيل ، ويستفز أولئك الذي أدمنوا العداء لهذه العلاقة التاريخية ، وعليه فهؤلاء الأعداء يعملون بشتى الأساليب على خداع الناس البسطاء والسطحيين في سبيل الإساءة لهذه العلاقة التاريخية المتجذرة .
https://telegram.me/buratha