المقالات

أحلام دون تنفيذ..!


 

علي علي ||

 

  بما أن خير الكلام ما طال ودل ولم يُمل، وأن "اللبيب بالإشارة يفهم"، فسأكتفي بالقول والإدلال والإشارة الى ما أبتغي الوصول الى معناه، وإلا فألف مقال ومقال لن يحتوي ما أريد قوله، وألف صفحة وصفحة لن تضم ما أنوي كتابته، وألف ليلة وليلة لن تكفيني لأنقل بوحي وبوح أكثر من ثمانية وثلاثين مليون إنسان، باتت أحلامهم آيلة للخيبة، بعد أن خرجوا من تغيير عام 2003 خالي الوفاض حتى من خفي حنين، بعد أن عولوا على انقشاع نظام البعث باستبداله بنظام، يأخذ بيد البلد الى حيث الأمان والاستقرار. إذ لم يأتِ ذاك التغيير الجذري أكله نضرة ولا لذيذة كما ينبغي أن تكون، بل على العكس، فقد ذاق العراقيون بعد ذاك العام من المرار أصناف الأكلات، ومن العلقم والحصرم والحشف أسوأ جني، وضاقوا ذرعا بأشكال البؤس والقلق وشظف العيش بأبشع صورها، فكأن لسان حالهم يقول:

ليس العذاب عندي صنفا واحدا

            عندي بحمد الله منه صنوف

  هناك حكمة قالها نيلسون مانديلا، أرى أن أخذها على محمل الجد، والعمل بها، والامتثال لأحكامها، تقودنا الى التحرر من شرك الأحلام بعيدة التحقيق، وتبعد عنا شبح الأمنيات صعبة المنال، فضلا عن النأي بنا بعيدا عن المستحيل وسابع المستحيلات وعاشرها، وما الى ذلك من مبررات التقاعس وذرائع الكسل ومسوغات الفشل،  تلك العبارة هي؛ "الرؤية دون تنفيذ مجرّد حلم، والتنفيذ من دون رؤية مجرّد مضيعة للوقت، أما الرؤية والتنفيذ مجتمعان، فيمكن أن يغيرا العالم".

  وقطعا لم يكن هذا المآل وليد حكم المقبور ونظامه فحسب، بل الفضل الكبير في تردي الحال ونكوصه المطرد يوما إثر يوم، يعود بالدرجة الأولى الى من أخلفوه على كرسي الزعامة والقيادة والترؤس، ولن أشير بإصبعي الى كرسي واحد او اثنين او عشرة، فبالتجربة وتكرارها مدة ثمانية عشر عاما، خير مؤشر على الكم الهائل منها، وفي مفاصل البلد جميعها. فما من مسؤول يتسنم منصبه في وزارة او مؤسسة، إلا وكان حزبه هو الآمر الناهي في أمره وأمر وزارته، إذ يوحي اليه بكل صغائرها وكبائرها، ويملي عليه همزاته ولمزاته التي تصب بتحصيل حاصل في مصب واحد لاغير، ذاك هو مآرب شخوص معينين، اتضحت صورهم وبانت ملامحهم جلية أمام الأنظار، كذلك تكشفت موجاتهم التي ركبوها على ظهر المواطن المسكين طيلة السنوات الخوالي، بأوامر من كتلهم وأحزابهم غير آبهين باستغاثته ونداءاته، وكيف يأبهون له وهم قادمون من أجل سرقته، بتعميد وتأييد وتزكية من أرباب كتلهم وأحزابهم؟ لذا نراهم قد شمروا عن سواعدهم وصار بعضهم يوحي الى بعض، مجندين هممهم وإمكانياتهم لنهب خيرات البلد، فدبوا كدبيب النمل الى كل يانع ورطب، فيما المواطن يستصرخ بعد أن فاحت رائحة السرقات، وقد قالها شاعر الأبوذية رحيم الركابي:

حية كوبرا وبحشاي فاحيت

احتركت وريحة العطاب فاحيت

واراك بهيئة سليمان فأحيت

الى جندك تلم النمل بيه

 أرى أن الفاسدين والمفسدين هبوا بعضهم ظهير بعض، وتآزروا وتعاضدوا وتعاونوا على الإثم والعدوان، ولن تجدي الرؤى وحدها دون تنفيذ في القضاء عليهم، كما قال مانديلا، كذلك لن يعود التنفيذ وحده بالنفع دون الرؤية الثاقبة، لاحتواء سبل اجتثاثهم واستئصالهم من الجسد العراقي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك