د.محمد العبادي ||
تختلف الوظائف الإدارية عن الوظائف الإعلامية ، وأيضاً الوظيفة التشريعية عن الوظيفتين الإعلامية والإدارية ، ولعل احدنا قد سجل بعض الملاحظات عن طريقة الأداء الوظيفي في العراق .
لقد شاهد اكثرنا ان هناك خلط في الأداء الوظيفي يمارسه بعض الإعلاميين، والبرلمانيين ، والحكوميين ، بمعنى ان هناك تمدد وتداخل على ميادين الوظائف بعضها على بعض .
نعرف ان وظيفة نواب البرلمان هي التشريع والرقابة في حين نجد كثير من البرلمانيين عندما يتناولون بعض الموضوعات يمارسون وظيفة إعلامية في الكشف عن المشكلة ويدخلون في باب الدعاية والإعلام!!! في حين أن وظيفة البرلماني تتخطى الاعلام إلى معالجة المشكلة بإيجاد الحل اللازم أو التشريعات المناسبة، أو ان البرلماني يمارس دوره القانوني الآخر في الرقابة والمسائلة والاستجواب.
أيضاً نلاحظ أن بعض الإعلاميين يتجاوز حدوده الوظيفية في التثقيف والتوجيه وتكوين رأي عام والتربية والإعلان والتعريف بالحقائق وينتقل بعضهم إلى دور الحاكم والقاضي والمشرع.
هناك خلط أيضاً في الأداء الحكومي ، فقد لاحظ اكثرنا أن بعض الوزراء يزحف في بعض القرارات على الميدان المخصص للبرلمان وقراراته ؛ ولعل الأداء الأخير لوزارة المالية والبنك المركزي يصلح أن يكون مثالاً ؛ حيث كان عليهما ملاحظة وضع البلد الحساس والمضطرب قبل رفع سعر صرف الدولار ، وكذلك في مسألة الاستقطاع الضريبي ؛ فقد كان عليها ان يحصلا مسبقا على التشريعات والقوانين التي تسمح لهما برفع سعر الصرف والاستقطاع الضريبي من الموظفين ، أو يجري التوافق المتزامن بين المالية والبرلمان لا أن تتصرف الوزارة من دون علم وموافقة مسبقة للبرلمان ، ومن دون الاخذ بالاعتبار ظروف البلد المضطربة.
أما في مجال الفرص الوظيفية فهناك ملاحظة في عمليات التكليف والتوظيف حيث شاع مؤخراً مفهوم ( حكومة تكنوقراط أو متخصصين) . اعتقد ان هذا المفهوم ينطوي على ضعف واضح ، لأن(أهل الاختصاص) ربما يصلحون للعمل الاستشاري دون التكليف للعمل الوزاري أو العمل في المسؤوليات الكبيرة حيث يتطلب ذلك بعض الشروط فمضافاً إلى التخصص يحتاج المكلف للعمل الوزاري إلى الخبرة السياسية ، والتجربة والكفاءة الإدارية، وربما يفسر لنا فقدان بعض الشروط لماذا يغرق كثير من المتخصصين في متاهات القيادة والإدارة أو لماذا يتخبطون في أكثر من موقف وقرار أو إجراء إداري.
نعم نتفق على ان الخلل والخلط في الأداء الوظيفي وفي التوظيف الرسمي ليس حكراً على العراق ؛ بل هو ظاهرة منتشرة في كثير من بلدان العالم لاسيما البلدان النامية أو المتخلفة ، وان البلدان التي تدعي الديمقراطية غير خالية من الخلل والخطأ في التوظيف فقد شاهدنا كيف أن الرئيس السابق ترامب قد جعل من ابنته مستشارة له أو صهره مستشاراً ومبعوثاً خاصا له في ملف القضية الفلسطينية، وأنه قد جعل من أحد اصدقائه في عنوان وظيفي كبير مع أنه لم يمارس العمل السياسي ولو ليوم واحد . نعم أيضا شاهدنا بعض الزعماء الفرنسيين قد منح زوجته صفة مستشار رسمي له مع أنها لم تمارس وظيفتها الاستشارية و..و..الخ .
نعم شاهدنا كل ذلك لكنه في حدوده الدنيا ، أما في العراق فتوجد أمثلة كثيرة عن التوظيف غير العادل بناء على معايير تفتقر إلى الأخلاق وضوابط التوظيف واشير إختصاراً إلى أن السيد الكاظمي فتح في أيامه الاولى للرئاسة ثقباً عن الخلفية التي يتقرر فيها تعيين فلان أو فلانة ؛ فقال ان أياد علاوي إتصل به هاتفياً وطلب منه تعيين ابنته والحصول على منصب وزير الدفاع !!! وقس على هذا .
مما تقدم يمكننا أن نقول: ان معرفة الوظيفة يساعد على التخفيف من حدة الجدل المحتدم على أكثر من صعيد ، ويقلل من حجم المشاكل والأزمات، كما أن التوظيف الرسمي الصحيح يصب في خدمة العدالة الاجتماعية وإعادة الثقة بين الناس والمجموعات السياسية الحاكمة ، ويساعد على تنمية وتطوير البلد في كثير من المجالات ، ويقلل من الفساد الذي ينخر بمؤسسات ودوائر الدولة و( اذا شئنا استطعنا).
https://telegram.me/buratha