المقالات

عَلمانيّةٌ لا دِينيّةٌ..!

1196 2021-03-13

 

أ.د علي الدلفي ||

 

لِمَاذَا يحقُّ لـ ت.رمب أنْ يستخدمَ (دينهُ) سلاحًا مِنْ أجلِ (حمايةِ) دولتهِ ونظامها العَلمانيّ المدنيّ ولا يُسمحُ لَكَ أنْ تبنيَ قِوَامَ دولتِكَ على أسسٍ (مدنيّةٍ/ دينيّةٍ) حقّةٍ تُحترمُ فيها الحدودُ العامّةُ للشّرائعِ الإسلاميّةِ السّماويّةِ

المُدنِّسُ ت.رمب الفاسقُ القاتلُ للنفسِ المُحترمةِ بيدِهِ (الكتاب المُقدّس) لتضليلِ أنصارِهِ وحشودِ الحركةِ (المسيحيّةِ الصّهيونيّةِ) التي أوصلتهُ إلى سُدّةِ الحكمِ ليرتكبَ الحماقةِ ويمعنَ في الجريمةِ بحقّ بني الإنسانِ عمومًا.

الشّعبويّ ت.رمب الملعونُ مِنَ المُجتمعِ الإنسانيّ والمباركُ مِنَ الكنيسةِ كانَ إفرازًا قيحيًّا لميادينِ العُهرِ والفُجُورِ والدّعارةِ؛ خاضَ حروبًا قضائيّةً مَعَ بضعٍ مِنْ بناتِ ليلِ ذلكَ الميدانِ؛ وَمَعَ ذلكَ فهو (رجلُ الكنيسةِ!)؛ إذْ مَعَ علمها بفسقهِ وانحلالهِ وفجورهِ حافظتْ على دعمهِ ولم تطرده؛ ولا زال مدعومًا منها ما دامَ يعملُ لتحقيقِ الأهدافِ التّوراتيّةِ الانجيليّةِ (المُقدّسةِ!) مِنْ وجهةِ نظرها؟!

ما نسمعهُ؛ اليوم؛ ونشاهدهُ مِنْ طروحاتٍ مزيّفةٍ  تُخالفُ واقعَ ديننا الإسلاميّ الحنيفِ مِنْ بعضِ المَحسوبينَ علىٰ المؤسّسةِ الدّينيّةِ إفكًا وَزُورًا والمُتعلِّقينَ بأذيالها ضلالةً وإفتراءً والنّاطقينَ باسمها زَعْمًا وتلفيقًا والمُحرّفينَ لعقائدها ظُلمًا وبُهْتَانًا.

أخيرًا... (في مقالنا الأوّلِ عن الدِّينِ والمدنيّةِ)

تبقى الأسئلةُ حبيسةَ العُقولِ والقُلوبِ مَا إنْ يُصرّحَ بها حتّىٰ تتحوّلَ إلىٰ معيارٍ للذاتِ والإدراكِ؛ ومقياسٍ  للدينِ الحقِّ والإيمانِ؛ وامتحانٍ عسيرٍ للمُتلقّي؛ إذْ يقولُ السّيّدُ مُحمّد باقر السّيستانيّ في كتابهِ (اتجاهُ الدّينِ في مناحي الحياةِ) في الصّفحةِ (٢٦) وما بعدها: لَقَدْ نبّه الدِّين علىٰ المنطقِ الفطريّ للإدراكِ.. ومنْ أهمِّ مفاصلهِ علاقةُ العلمِ بالأخلاقِ؛ وحاجةُ الإدراكِ الصّحيحِ إلىٰ تطبيقِ القيمِ الفاضلةِ في مجالاتِ المعرفةِ؛ والسّلوكِ؛ لأنّها تنيرُ عقلَ الإنسانِ وتحول دون حيلولةِ الحواجزِ النّفسيّةِ عنْ إدراكهِ للأشياءِ علىٰ نحوٍ سليمٍ، وقد عبّر القرآنُ الكريمُ بأساليبٍ بيانيّةٍ متنوّعةٍ.. قال عزَّ مَنْ قائل: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾؛ وقال: ﴿صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾؛ وقال: ‏‫﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ؛ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾؛ وقال: ‏‫﴿وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾؛ وقال: ‏‫﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾؛ وقال: ‏‫﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾؛ وقال: ‏‫﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾؛ وقال: ‏‫﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾؛ وقال: ‏‫﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِىَّ﴾؛ وقال: ‏‫﴿وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾؛ وقال: ‏‫﴿وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.

وفي ‏‫نهجِ البلاغةِ عنِ الإمامِ عليّ (عليهِ السّلامُ) أقوالٌ كثيرةٌ تجلُّ العقلَ والقلبَ؛ وتذمُّ الهوى والأملَ؛ قالَ (عليه السّلامُ): (قَدْ خرقتِ الشّهواتُ عقلَهُ)؛ وقالَ: (إنَّ الأملَ يُسهِي العقلَ)؛ وقال: (أكثرُ مصارعِ العقولِ تحتَ بُرُوقِ المطامعِ)؛ وقال: (كَمْ مِنْ عقلٍ أسيرٌ تحتَ هوى أميرٍ).

هذهِ نصوصٌ نقديّةٌ تدلُّ دلالةً قاطعةً علىٰ اهتمامِ الدّينِ بوقارِ العقلِ الإنسانيّ؛ فالعقلُ مرتكزُ الدّينِ. والعقلانيّةُ قاعدةُ الحياةِ لاكتشافِ الحقائق الكُبرىٰ.. ثُمَّ مَا لسانُ المؤمنِ إلّا مِنْ وراءِ قلبهِ؛ فالقلبُ كما هو العقلُ.

بعدَ ذلكَ نسألُ:

هَلْ خالفَ دينُنَا مبادئَ الحياةِ المَدنيّةِ؟

وَهَلْ قصّرَ القرآنُ الكريمُ في استيعابِ النّواحي الحياتيّةِ وأطرِ الدّولةِ المدنيّةِ؟

ولماذا يُطلبُ مِنْكَ أنْ تفصلَ بَيْنَ الدِّينِ والسِّياسةِ؟

وَلَمْ يُطلب مِنْ ت.رمب أنْ يبعدَ الإنجيلَ عَنِ السّياسةِ؟ ولا يُطلبُ من غيركَ ذلكَ؟!

ألَمْ يكنْ لقاءُ قداسةِ البابا بسماحةِ المرجِعِ الأعلىٰ سياسيًّا بحتًا في بعضِ جوانبِهِ؟

وَمَا هي السِّياسةُ من وجهة نظرِ الإسلامِ؟

وَمَا هي حدودُ دولةِ العدلِ الإلهيّ المُنتظرةِ؟

وَكَيْفَ يمكنُ التّهيّؤُ إليها؟

وَمَا الفرقُ بَيْنَ عَلمانيّةِ الإنجيلِ ومدنيّةِ القرآنِ؟

أسئلةٌ تحتاجُ إلى أجوبةٍ تفصيليّةٍ ونظرةٍ ثاقبةٍ ومقاربةٍ استكشافيّةٍ للنصوصِ ومضامينها.

سنحاولُ أنْ نجيبَ عنها في مقالنا القادمِ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك