زينب فخري ||
كلُّ عام تزحفُ الملايين إلى ضريحِ أسد بغداد، وتشهد بغداد والمحافظات سنوياً في يوم الخامس والعشرين من شهر رجب بل قبله بأيام إقامة سرادق العزاء على الطرق، مترافقة مع إشعار ومراسم تزيد من الشعور بعظمة الحدث، بل تحرك مشاعر الحزن وتنساب الدموع بلا شعور وهي تردد: "هذا الغريب مين"! وتجعل الخطى تحث نحو جسر الإئمة، مع أصوات : "يامسموم اجينة لموسى بن جعفر يامسموم"!
فهذه الجموع تسير يدفعها حب غريزي لأهل البيت (ع)، لكن قد لا تدرك جميعها أنَّ بإحياء ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) هو:
تجديد البيعة له وتأكيد تمسكها بالنهجِ القويمِ؛ فالإمامُ موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) جسدَ بإيمانِهِ وصبرِهِ صوراً في الثبات، والذودِ عن القيمِ، وتثبيتِ مكارمِ الأخلاق.
ومن أجل التذكير بظلامتِهِ للعالمِ وللإنسانيةِ؛ فإحياء ذكراه هو مناصرة لكلِّ مظلوم قابع في السجون ظلماً أو يتعرض للاضطهاد والتنكيل، فإرادة الإمامِ الصلبةِ تمنحُ المظلومين نوراً وهاجاً للمضي قدماً في مقارعةِ الظلمِ والظالمين والصبر على البلاء والشدة حتى النصر أو الشهادة.
وانَّ كلّ إنسان يستطيع أن يؤدي واجباته المفترضة حتى لو كان في أقسى الظروف كالسجن؛ فالإمام لم ينقطع عن دوره في الإرشاد وبيان المسائل الفقهية وهو سجين، فالرسالة الإنسانية تبقى مستمرة وتحت أشدِّ الظروف.
انَّ العالم منذ الأزل يعاني من الظلم والجور وانَّ مواجهته تستوجب التضحيات الجسام؛ لذلك كانت ظلامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) صورة متجددة في تاريخ بني البشر من أجل المناداةِ بحقوقِ الإنسانِ المنتهكةِ والمسلوبة.
إنَّ استلهام هذه العبر من شهادته (عليه السلام) يؤدي بالتأكيد على تغيير وتطوير الذات ثمَّ المجتمع، فإحياء هذه الذكرى لا يجب أن يحصر بإقامة سرادق العزاء والبكاء فقط.
https://telegram.me/buratha