إلتقطها / أحمد رضا المؤمن ||
بعد أن إستعصى على صدام وأزلامه من الحرس الجمهوري الدخول إلى المدن الثائرة وخصوصاً مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة حيث إستبسل المجاهدون الثوار في الدفاع عن ثورتهم وبروح جهادية مُتفانية في الدين والوطن مُنقطعة النظير ، حينها قررت مُخابرات صدام إستخدام خُطة خبيثة إعتبرها الكثير من الذين عاشوا الحالة واللحظة بأنها كانت نُقطة التحول الرئيسية لبداية إجهاض الإنتفاضة عسكرياً ، حيث تَمكّن أحد جواسيس صدام من تسريب إشاعة كاذبة حول مقتل صدام ! وكان وقت الإشاعة بعد صلاة المغرب فتم الإعلان عنها في سماعات صحن العتبة العلوية المقدسة ،
وهُنا كانت المفاجئة عندما قام جميع ثوار النجف وكُل المجاهدين في جميع أحياء النجف وشوارعها وأزقتها بإطلاق النار الكثيف جداً ولمُدة أكثر من (15) دقيقة إبتهاجاً بهذه الإشاعة الخبيثة والتي نَجَحَت إستخبارات الجيش الصدامي من تَحديد أماكن تركّز العتاد ونوعيته لدى المجاهدين .
بالأثناء فاجئتنا المرحومة عمتي العلوية فاطمة بفعل لم نكُن نَتَوقّعه من شخصيتها الهادئة عندما قامت بالزغردة والهلاهل بصوت عال وكادت أن تطير من على الأرض وهي تصرخ : (صلوات على مُحمد .. صدام مات .. صدام مات ..) بالوقت الذي كان والدي يصرخ بالثوار القريبين من الزقاق : (لا تطلقوا النار .. لا تطلقوا النار .. أنتُم بحاجة للعتاد .. تأكدوا من الخبر .. لا تستعجلوا ..) .
لم يكد يطلع الفجر حتى بدأنا نسمع قذائف المدافع تقترب أكثر فأكثر .. فقد تَمَكنوا من تحديد مواقع القوة العسكرية للمجاهدين وحددوا أماكنها .. لم يتجاوز الوقت الظهيرة حتى تساقطت صواريخ (أرض ـ أرض) على بيوت الأهالي قرب شارع المدينة المنورة جنوب مركز المدينة فشاهدت ولأول مرة مناظر مُرعبة لجثث مُقطعة وشُهداء غارقين بدماءهم تحملهم سيارات الحمل (البيك ـ آب) في شارع الرسول "ص" مُتجهة ببعضهم إلى المستوصفات الصحية والبعض الآخر إلى المقبرة لدفنهم ..
حينها علمنا بأن صدام كان قد حصل على الضوء الأخضر كاملاً من قوات التحالف بقيادة أمريكا عندما إستخدم صواريخ (أرض ـ أرض) للقضاء على الإنتفاضة وثوارها وبأي ثمن .. فهي صواريخ لا تستخدم إلا في المعارك الضخمة وضد مواقع وآليات كبيرة للعدو ..
بعد ذلك ومع بدء الحصار وإقتراب الجيش الصدامي كان أحد مُخابرات صدام يختبيء في أحد بيوت محلة البراق ويُطلق من مُسدسه طلقات بصورة مُنتظمة على شكل إشارة ولمُدة نهار كامل فأحس الثوار المجاهدون بذلك فإستأذنوا من والدي بأن يصعدوا في سطح بيت جدي الذي لجأنا فيه بإعتباره مُرتفع لإستطلاع الوضع والتحري عن مكان ومصدر إطلاقات هذا العميل الصدامي فدخل ثلاثة منهُم كانوا يرتدون دشاديش عليها أحزمة مليئة بالرصاصات والرُمانات والمُسدسات فصعدوا وتحروا مصدر الإطلاقات وشخصوا مكاناً مُحتملاً ثُم ذهبوا إليه ولكن يبدو أنهُم لم يعثروا على هذا العميل .
https://telegram.me/buratha