المقالات

لقطات من الإنتفاضة الشعبانية/ اللقطة الخامسة


 

إلتقطها / أحمد رضا المؤمن ||

 

بعد يومين من إندلاع الإنتفاضة في النجف ذهب بنا والدي بسيارتنا إلى منزل المرحوم جدي (السيد صاحب المؤمن) في محلة البراق بمركز المدينة (عگد ستمني) وخلال الطريق إلى هُناك شاهدت أمور عديدة ، ولم أنسى أبداً منظر جُثة البعثي المُنتفخة المرمية أمام مبنى محكمة النجف بلباسه الأخضر الزيتوني والذي أجهز عليه الثوار وتُرك لأيام هو وبقية البعثيين وعناصر الأمن والمخابرات وأزلام صدام فتَعفّنت وإنتفخت وكادت أن تَتفسخ لولا توجيهات علماء الحوزة بحُرمة ترك هذه الجثث في الشوارع وضرورة دفنها وأن لا يُمثل بهم مهما كان تأريخهم في الإجرام .

وقد إستغل بعض البعثيين الهاربين من غضب الثوار من هذه الجثث كما نقل لنا أحد الأقارب قصة حيلة إستخدمها المجرم البعثي (عبد العظيم سعد راضي) حيث قام بوضع هويته على إحدى جثث البعثيين المحترقة في أحد المقرات البعثية التي هجم عليها الثوار المجاهدون فإنخدع الناس فرحين بأن الثوار نجحوا بالقضاء على هذا المجرم الذي أعدم المئات من شباب النجف المؤمن على يديه .

مررنا بمباني حكومية كثيرة بدا عليها بوضوح آثار الحرق والدمار بفعل المواجهات بين البعثيين وأزلام صدام من جهة وبين الثوار المجاهدين من جهة أخرى . ولفت نظري جداريات صور الطاغية التي حرص الثوار على تدميرها وحرقها بالكامل وبالمقابل رسموا صورة جدارية للمرجع السيد الخوئي "قده" على جدار المبنى المقابل لمجسرات ثورة العشرين (المجلس البلدي سابقاً) . علماً بأن الثوار قد رفعوا خلال الثورة صور ثلاث شخصيات إعتبروها رموز ثورتهم الإسلامية وهم :

شهيد العراق آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر "قده" (مفجر الثورة الإسلامية في العراق عام 1980)

آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي "قده" (زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف حينها)

آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم "قده" (رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق في حينها) .

وكانت هذه الصور تُعلق في سيارات مؤسّسات الدولة التي سَيطر عليها الثوار (الشرطة ، الإسعاف ، الإطفاء ، البلدية .. إلخ) .

ثُم مَرَرنا يومها بمنزل إحدى عماتي في حي الجديدة (قرب مجسرات ثورة العشرين) فقرر والدي الخروج مع نسيبه المرحوم الحاج حسن معلة للتجول في شوارع "عاصمة الإنتفاضة" ورؤية الأوضاع عن قرب فإصطحبني معه وكانت فُرصَة تأريخية لا يُمكن أن تُنسى أو تُمحى من ذاكرتي .

وقبل أن نَتحرك شاهدت أحد شباب المنطقة وهو يأتي برصاصة ويُفرغ البارود الذي بداخلها ليكتب به على الأرض (صدام الكافر) ثُم يشعلها فتلتهب الكتابة بأقل من لحظة .

كان هُناك منظر أثار إنتباهنا كان بالقرب من عمارة الحياة عندما صادفنا جُندي بلباسه العسكري يبدو عليه آثار الإنهاك والإنهيار والهزيمة والمسكنة وهو يخط برجليه من شدة التعب يبدو أنه كان هارباً من إحدى القطعات العسكرية المشاركة في غزو الكويت فإذا بالناس يلتفون حوله بين من يسأله عن ما يعرف من أخبار الجيش وبين من كان يُحقق معه حول هويته وبين من يتهمه بأنهُ جاسوس مبعوث من صدام ..

هُنا تدخل المرحوم الحاج حسن معلّة وخاطب الناس طالباً منهُم بأن يرحموا حال الرجل المنهار وطلب منه الإسراع بالعودة إلى منزله وخلع ملابس الجيش التي كادت أن تودي بحياته ظناً من الناس بأنهُ بعثي أو من جماعة صدام !

وقبل أن نصل إلى شارع الإمام الصادق "ع" لفت إنتباهنا خروج تظاهرة نسوية من شارع الخورنق بإتجاه ساحة الميدان قدرنا عددها بقُرابة المائة إمرأة نجفية وهُن يهتفن بشعارات مثل (هلة ببنات الزهرة .. هلة بخوات زينب) و(ثورة ثورة إسلامية .. لا شرقية ولا غربية) وكُن يحملن صورة شهيد العراق آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى "رض" .

كان للنساء دور كبير في دعم الثوار المجاهدين حيث تبرعت مجموعات كبيرة من النساء بطبخ الغداء والعشاء والفطور للمجاهدين وخصوصاً المقاتلين منهُم الذين يتواجدون في ثغور المدينة والمواجهة مع أزلام النظام المباد .

وصلنا أخيراً إلى ساحة كانت مُعدة كمطار عسكري للمروحيات (الكراج المجاور لمقام الإمام زين العابدين "ع" حالياً) وإذا بها عبارة عن مشجب ومخزن عسكري كبير للأسلحة التي غنمها الثوار من أجهزة النظام المباد سمحوا لنا بالدخول إليها ورؤيتها عن قرب بعد أن تعرف علينا الشخص المكلف بحراسة المخزن فوجدنا فيها قذائف مدفعية ومخازن عتاد رصاصات رشاش دوشكا وقذائف مورتر (هاون) وجهاز رادار كانوا يقولون أنهم بحاجة إلى من يعرف طريقة تشغيلها وغيرها من أمور كثيرة ..

وأثناء خروجنا من ساحة المخزن حضر شيخ مُعمّم يرتدي نطاقاً عسكرياً ويحمل مُسدس في جانبه دون أن يرتدي عباءة قال أنهُ من أهالي الحلة من منطقة لا أتذكُرها وطلب من مسؤول المخزن بتوفير الدعم والسلاح الكافي للثوار من أبناء منطقته ليتمكنوا من الإستمرار في مُقاومة أزلام الجيش الصدامي .. كان المرحوم أبي ينظر لهذا الشيخ الحلي المُسلح بإعجاب بالغ كونهُ أعاد إليه منظر أبطال الثورة الإسلامية في إيران الذين فجروا الثورة بقيادة السيد الخميني "رض" .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك