د.محمد العبادي ||
منذ أن تم الاتفاق النووي بين مجموعة ما يسمى(٥+١) وايران في تموز سنة ٢٠١٥م ، والاتفاق يواجه الإخفاق تلو الإخفاق حتى جاء الرئيس ترامب ومزقه بشكل أحادي ، ثم بدأ بتطبيق سياسة الضغوط القصوى والتي هي في واقعها سياسة البلطجة القصوى، لانها لم تترك عقوبة تجاه إيران إلا وركبتها .
لقد كانت إدارة ترامب هي عبارة عن إدارة سجون ، لأنها كانت تمارس أساليب الخنق والحصار والعقوبات والغطرسة وفرض الشروط ، ولم نلحظ منها شيئا من الديبلوماسية والديمقراطية التي تتغنى بها .
لقد كان الاتفاق يتضمن بنودا وملاحق ، وتم عرضه والمصادقة عليه من قبل مجلس الأمن ، على أن يتم تنفيذه بالتنسيق والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
وقد بادرت ايران طوعا على توقيع البروتوكول الإضافي والذي فيه توسعة حقوقية لوكالة الطاقة في الحصول على المعلومات ، والدخول إلى المواقع المطلوبة ويوفر ضمانات وأدوات للتحقق من الاستخدام السلمي للبرنامج النووي .
بدأت ايران بتنفيذ بنود الاتفاق ، لكن الدول الموقعة عليه بدأت بتطبيق الاتفاق بشكل بطيء جدا ، وأفرجت عن جزء يسير من الأرصدة الايرانية الكبيرة المجمدة في الخارج .
رويدا رويدا أخذت تلك الدول الموقعة على الاتفاق تتلكأ في تنفيذ بنوده حتى أن السيد عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية قد قال ان الاتفاق تضمن(١٢) بندا ولم تلتزم الدول الموقعة عليه ببند واحد .
ايران إلتزمت ببنود الاتفاق حتى إنها وببادرة حسن نية قامت بتحويل (٩ طن ) من الكعكة الصفراء ، ولم تقم الدول المعنية بتسليم المبالغ لإيران !.
ان ايران تقول إنها إلتزمت ببنود الاتفاق من جانب واحد ، ولم تلتزم باقي الأطراف به .
وعليه فقد بدأت إيران خطواتها بالتراجع عن بعض بنود الاتفاق من أجل تعديل كفة ميزان الاتفاق فبقدر تقيد الأطراف الأخرى تتقيد ايران به .
ان العقوبات التي كانت مفروضة على ايران قبل الاتفاق النووي مع إيران لازالت باقية بل ان أمريكا ومعها حلفائها أضافوا إليها عقوبات جديدة شملت شركات تجارية وصناعية، وشخصيات سياسية وحقوقية وعسكرية وعلمية ، وفوق كل ذلك وضع الجانب الأمريكي المدعوم غربيا شروطا جديدة منها التفاوض حول برامج ايران الصاروخية وتحديد أطر علاقاتها بحلفائها وفقا للمقياس والرؤية الأمريكية وغير ذلك !!!
ان هذا الأمر دفع بالمسؤولين ان يتخذوا خطوات متقابلة في رفع اليد عن بعض الإجراءات حيث أخذت الحكومة بتنفيذ ( قانون الإجراء الاستراتيجي) المصادق عليه من قبل مجلس الشورى الإيراني ، واضطرت منظمة الطاقة النووية الإيرانية إلى زيادة أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم ، والتحلل من الاتفاق بزيادة نسبة التخصيب من ٣.٦٧% إلى ٢٠% ، وزيادة مخزونها من اليورانيوم وغيره .
واضطرت ايران وعلى خلاف رغبتها للانسحاب يوم الثلاثاء الماضي من معاهدة الضمانات( البروتوكول الإضافي ) ، لأنها لم تشهد تغييرا في الموقف الأمريكي وشريكه الموقف الغربي ، على أن هذا الموقف الجديد لا يعني إلغاء الرقابة ويبقي على الرقابات التي هي خارج البروتوكول الإضافي على سابق عهدها.
ان الحكومة الإيرانية تعتبر الاتفاق النووي غير قابل للتمييز وإعادة النظر ، وأنه أفضل ما يمكن التوصل إليه، وهي مستعدة للعودة إلى الإتفاق من رأس متى ما عادت الدول الغربية إليه ورفعت أجراءات الحظر الكامل عليها ، وهي تعمل حاليا بمبدأ مقابلة الالتزام في مقابل الإلتزام ، والتعاون في مقابل التعاون إلى أن تعود تلك الدول لتطبيق تعهداتها .
https://telegram.me/buratha