تطورت الأساليب والخطط في عصرنا الحاضر لدى أكثر الدول ، فلم يعد الأسلوب المباشر في رسم العلاقات هو الأسلوب الأفضل ، بل تلجأ الدول إلى تنويع الأساليب وحسب ما تقتضيه المصلحة . لقد كشفت إسرائيل عن بعض الوثائق الإستخبارية بعد أن رفعت عنها السرية في قيام أجهزتها باستدراج الخصوم وتمييع مواقفهم ، وجلبهم إلى حضيرة الطاعة ، حيث تبين لنا ان أكثر من زعيم عربي كان قد تنطع بالمقاومة وطنطن بخطاباته الرنانة ضد أسرائيل ، لكنهم كانوا في نفس الوقت يقيمون علاقات وصداقات سرية مع قادة الاحتلال الصهيوني وحسبنا ان نشير إلى بعض تلك العلاقات السرية ونشير الى ماكتبه محلل الأمن الاسرائيلي يوسي ميلمان في صحيفة معاريف الإسرائيلية عن وجود علاقة ولقاءات وتعاون بين الملك حسين وقادة الكيان الصهيوني، وأن تلك اللقاءات بدأت منذ سنة ١٩٦٣م ! وأيضا نشير إلى ماذكرته صحيفة (يديعوت احرونوت ) العبرية حول تجنيد أحد الشخصيات الكبيرة المقربة من دائرة الرئاسة في مصر (أشرف مروان )وتقديمه معلومات هامة وحساسة لإسرائيل ، بل والعمل على ترويض تلك الدائرة الضيقة وتضليلها ، ولم يكن اشرف مروان هو الشخص الوحيد كما يقول جهاز الموساد . وأيضا نشير إلى علاقات ملك المغرب الحسن الثاني ،! كل تلك العلاقات السرية كانت قائمة وبقوة في الوقت الذي يظهرون في القمم العربية والمؤتمرات الدولية دفاعهم عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني والأراضي العربية . ان مثل هذه المواقف عند بعض القادة العرب تدعو إلى أخذ الحيطة واليقظة والحذر خشية أن يخرج من بين صفوف السياسيين من هو على شاكلتهم . لقد شاهدنا دول كثيرة تهرول للتطبيع بلا حياء وبلا مقابل . ان التطبيع العلني مع العراق وفي هذا الوقت بالذات غير ممكن ، وقادة الاحتلال الإسرائيلي يعلمون ذلك ، لاسيما وأن الشعب العراقي له مواقف مشهودة في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المغصوبة ، وقد جاد العراق بالأموال والأنفس والمواقف الصلبة لنصرة القضية الفلسطينية. نعم من الممكن أن يحابي الصهاينة بعض الجماعات الصغيرة أو الأفراد من أصحاب المصالح والأهداف الضيقة ، ولأجله اذا كان لدى الصهاينة النية في وضع خطة للتطويع ومن ثم التطبيع فلا يمكن تطبيقها بشكل علني بل بشكل سري وتدريجي كما حصل لبعض الأنظمة التي دخلت في معاهدات أو اتفاقات التطبيع مع الصهاينة ، حيث طبعت تجاريا ورياضيا وثافيا وحتى أمنيا ثم توجت ذلك بقرار التطبيع الكامل . إن التطبيع وحسب تصوري هو نتيجة جهود سرية استغرقت زمنا طويلا حتى وصل إلى هذه النتيجة . ان الأنظمة المطبعة كانت ولازالت مخترقة أمنيا وسياسيا وخاصة من الحلقات الضيقة ، وهي تؤدي أدوارا مرحلية للوصول بهذه الأنظمة وشخوصها إلى التبعية والإستلاب الكامل . ان المواقف التي يطلقها بعض الزعماء والمسؤولين وبلغة واضحة وصريحة ضد التطبيع هي مواقف محمودة وشجاعة ، لكني أتعجب ان يطلق (بعضهم) على خيانة التطبيع ( حق سيادي وشأن داخلي )!!!. إن هذه خدعة وتضليل ، وأظن أن واحدة من نقاط النفوذ الإسرائيلي هم هؤلاء الأفراد والجماعات والذين يبذلون أقصى المودة لأنظمة التطبيع العربي ويترددون على أبوابهم في جلسات سرية مليئة بالسمر والراحة . ان الإبتعاد عن المحور الأمريكي الصهيوني وذيوله ، والاقتراب من المحور المناهض والمقاوم له هو بوصلة النجاة من طوق التطبيع الذي يلتف حول عنق أولئك الذين يقتربون من أصدقاء أمريكا ، وغير ذلك هو تضييع للجهود والمواقف .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha